أو إلى أسرة سرقت صيد أسرة أُخرى وأكلته ووقع الخصام بين الأسرتين ، وهجم بعضهم على بعض لعامل الغضب والتأثر . . . إلى غير ذلك من الحالات غير الطبيعية .
إننا يجب أن نبحث عن القبيلة الخيالية التي إفترضها فرويد في حالة يكون رجالها ونساؤها ، شيبها وشبابها في حالة طبيعية تماماً ، ولم يكن أبسط عامل مهيج في سلوكهم ومزاجهم باعثاً على إنحرافهم عن طريق الفطرة .
ولنفرض أنه اتفق خروج جميع أفراد القبيلة في جو لطيف إلى التنزه في قطعة أرض خضراء ، واجتمعوا على ضفاف نهر صغير وبالقرب من حقل واسع وانسجموا في أتم المحبة والوئام . . فالصغار أخذوا يلعبون هنا وهناك ، والشبان مولعون كل بعمله ، فقسم منهم يتأرجحون بين أغصان الأشجار ، والقسم الآخر يرمون بأنفسهم في النهر مفضلين السباحة ، وطائفة تقفز على الأرض وتلعب وبأيدي طائفة أُخرى عصي خاصة يقفزون بواسطتها . . . وفي هذه الأثناء إذا أهوى أحد الشبان بعصاه المدببة على رأس شاب آخر بلا سبب أصلاً وفي تمام الإِنتباه والإِرادة ، وقتله بتلك الضربة ألا يوجد هذا العمل إستياء في نفوس أفراد القبيلة ؟ ألا يعتبر هذا العمل في أنظارهم قبيحاً ؟ هل إن شج رأس إنسان مع العلم والعمد مساوٍ لكسر حجارة ؟ ألا يلومونه على عمله ؟ ألا يحس في نفسه بالاضطراب والقلق من فعله ؟ . وإذا كان شاب آخر جالساً على الأرض ويقلع الحصى منها بواسطة العصا المدببة التي في يده ، وفجأة إتجه إلى طفل صغير وطرحه أرضاً وأخرج عينيه من حدقتيه ألا يسأله أفراد القبيلة عن سبب إقتلاع عيني الطفل ؟ ألا يعتبرون هذا العمل قبيحاً ؟ ألا يعاقبون المرتكب لتلك الجريمة أو يلومنه على الأقل ؟ هل إن إقتلاع عيني طفل بريء مساوٍ في أنظار أفراد القبيلة مع إقتلاع الحصى من الأرض ؟ .
يدعي فرويد أنه يتساوى كسر الحجارة وشج رأس الإِنسان
وقتله في نظر أفراد القبيلة من حيث الحسن والقبح . وكذلك يتساوى عندهم إقتلاع الحصى من الأرض وإقتلاع العين من الحدقة . . ذلك أن الإِنسان لا يملك وجداناً