خضراء . . . « فقال الملك : إني أري سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف ، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ، يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون » (١) .
فعرض رؤياه على رجال بلاطه وعلماء بلاده ، فعجزوا عن تعبيرها ، وسموها بأضغاث أحلام . . .
أما يوسف الصديق ، فقد كان حاذقاً في تعبير الرؤيا ، وفسر الحلم الذي رآه الملك بالشكل التالي : جدوا في أمر الزراعة لسبع سنين ، وادخروا في كل عام ما يفضل من قمحكم ، واخزنوا الزائد عن الإِستعمال في سنابله فبعد هذه الأعوام السبع يجتاح البلاد قحط عظيم ويستمر هذا القحط لسبع سنوات ، ويقع الناس في حرج وشدة . وفي هذه الفترة يجب الإِستفادة من القمح المخزون . ولقد تحقق كلام يوسف تماماً واستفادوا في « أعوام القحط من ذخائر السنوات السابقة ونجت البلاد في ظل دراية يوسف من السقوط الحتمي والموت المحتم ، وعلى أثر هذا التفسير العلمي الدقيق والخدمة العظيمة التي أسداها يوسف إلى الشعب المصري فقد صار محبوباً من قبل الناس ، وأدى ذلك إلى أن يصل يوسف ـ بمساندة الرأي العالم ـ إلى زمام الحكم لسنوات طوال .
لم يكن حلم ملك مصر تلخيصاً لمكنونات الضمير الباطن ، ولم يكن التفسير العجيب الذي أدلىٰ به يوسف مستنداً إلى الإِختبار النفسي ، والتوصل إلى الوجدان المكنون للملك . فقد كشف هذا الحلم عن مستقبل مجهول تماماً ، وأعلن عن حادثة خفية .
٢ ـ رأى عبد الملك بن مروان في المنام : أنه يبول في محراب مسجد الرسول الأعظم أربع مرات . فسأل ابن سيرين عن تفسير رؤياه . فقال له ابن سيرين : أربعة من أولادك يصلون إلى مقام الخلافة ، ويقفون للإِمامة في محراب الرسول الأعظم ، ويتعهدون قيادة شؤون المسلمين . وكان كما قال . فقد تنزى كل من وليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك وهشام بن عبد
____________________
(١) سورة يوسف ؛ الآية : ٤٣ .