كثيراً من الحقائق المادية والميول الجسدية ، نجد في الطرف المقابل أن المنخرطين في سلك المبدأ الإِقتصادي ينكرون كثيراً من الحقائق الروحية والاعتقادية والإِخلاقية ولم يعتبروا لها وجوداً أصلاً . . .
نحن لا ننكر أن الكمالات النفسية والسجايا الخلقية تشكل الأركان المهمة للسعادة ، ولكن لا يصح القول بأن السعادة البشرية منحصرة في الأخلاق والمثُل . كما أننا لا ننكر أن الإِقتصاد من الأسس القويمة للسعادة البشرية ، إذ بدونه لا تحصل السعادة الكاملة ، كما ورد في الحديث : « من لا معاش له لا معاد له » إلا أنه لا يصح القول بأن السعادة البشرية منحصرة في الإِقتصاد .
وهنا لا بأس بأن نستشهد بكلام لأحد العلماء الغربيين المعاصرين بهذا الصدد :
|
« نحن اليوم نسير
في جادة الزمن مع التقدم التكنولوجي (١) من دون أن نعير أهمية إلى الاحتياجات الأصلية للجسد والروح . ومع أننا نتخبط في المادة نعتبر أنفسنا بمعزل عنها ولا نحاول أن نفهم بأنه يجب ـ لأجل الاستمرار في الحياة ـ السير بمقتضى طبيعة الأشياء وطبيعة أنفسنا لا على طبق الأهواء والرغبات. إن البشرية المتمدنة تتردى منذ قرون طويلة في هذه الهوة السحيقة . وإن تاريخ الإِنحطاط الخلقي والابتعاد عن الروح الدينية يتفق تماماً مع تاريخ الخروج على القوانين الأصلية للطبيعة . إنه لا يمكن حصر النشاطات البشرية كلها في الجوانب المادية فقط إلا بعد تحطيم شخصية الإِنسان لأن الإِنسان لم يخلق للأكل والتكاثر بل أقدم منذ نعومة أظفاره على ابتداء التكامل بحب الجمال ، والإِحساس الديني والنشاط الفكري ، والشعور بالتضحية والحياة البطولية . . . » (٢) . « وإذا حددنا
الإِنسان بنشاطه الإِقتصادي فقط |
____________________
(١) التكنولوجيا : هو العلم الذي يعني بدراسة الفنون وأنواعها وتاريخها .
(٢) راه ورسم زندگى ص ٣٤ .