العالمية . ولكنه عندما إندلعت نيران الحرب إنفجرت القنابل واضطرمت نيران المعارك الدموية وتحطمت الهياكل الجوفاء للمدنية وفقدت زينتها الظاهرة . . . وحينذاك ظهر العالم المتمدن في ثوب الهمجية والفوضوية ـ أي لباسه الواقعي ـ فقد استولت سحب الإِجرام وسفك الدماء على سماء العالم وحل الحقد والإِنتقام محل الضحكات المتصنعة في وجوه الجماهير المتمدنة ! .
|
« التبعيد ، والقتل العام للمدنيين ، ومعسكرات العمل الإِجباري ( التي لم يكن ينتشر فيها الجوع والأمراض السارية فحسب ، بل كانت تستعمل فيها مختلف وسائل التعذيب والقمع والإِرهاب ) ، والتدمير الشامل اللامعقول بالقنابل . . . كل هذه الوسائل كانت تستعمل كأساليب طبيعية واعتيادية في الحرب . ولذلك فقد كان الخوف والاضطراب مستولياً على العالم أجمع في الحرب العالمية الثانية ، وهكذا اختفت مظاهر إحترام الحياة والمثل الإِنسانية ، والقيم الأخلاقية في كل مكان » (١) . |
لقد كان فرويد ( وهو الذي يبدي مخالفته الصريحة للتعاليم الدينية والعقائد الإِلٰهية ) قبل الحرب يأمل إنتشار التعليم والقوانين التربوية وأصول المدنية الحديثة حتى تستطيع أن تحل محل الدين في أفكار العامة وبذلك يوصل البشرية إلى الكمال المنشود لها . . . إنه يقول :
|
« إن ما لا شك فيه أن الدين قد قدم خدمات مهمة إلى الإِنسانية والمدنية نظراً للدور الكبير الذي لعبه في تهدئة الغرائز غير الإِجتماعية ، ولكنه لم يستطع أن يتقدم في هذا المجال بالمقدار الكافي » (٢) . |
إن فرويد يوصي بما يلي : ـ
|
« من المستحسن أن
نختبر منهاجاً تربوياً غير ديني ، فيعوَّد الناس |
____________________
(١) المصدر السابق ص ١١٧ .
(٢) المصدر السابق ص٩٦ .