أمر هذا القانون الدقيق . بل أشير إليه في بعض النصوص وأطلق على عامل الوراثة فيها اسم ( العِرق ) .
وبعبارة أوضح : فإن المعنى الذي يستفيده علماء الوراثة اليوم من كلمة ( الجينة ) هو نفس المعنى الذي استفادته الأخبار من كلمة ( العِرق ) وعلى سبيل المثال نذكر بعض تلك الروايات .
١ ـ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنظر في أي شيء تضع ولدك ، فإن العرق دساس » (١) . وحينما نراجع المعاجم اللغوية في معنى كلمة ( دساس ) نجد أن بعضها ـ كالمنجد ـ يعلق على ذلك بالعبارة التالية : « العرق دساس أي : أن أخلاق الآباء تنتقل إلى الأبناء » (٢) .
فهذا الحديث يتحدث عن قانون الوراثة بصراحة . ويعبِّر عن العامل فيها بالعرق . فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوصي أصحابه بألا يغفلوا عن قانون الوراثة بل يفحصوا عن التربة الصالحة التي يريدون أن يبذروا فيها ، لكي لا يرث الأولاد الصفات الذميمة .
٢ ـ عن الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق » (٣) . وهذا الحديث يثبت إمكان إكتشاف الطهارة العائلية للفرد من السجايا الفاضلة عنده .
٣ ـ وهذا محمد بن الحنفية ابن الإِمام علي عليهالسلام كان حامل اللواء في حرب الجمل ، فأمره علي بالهجوم ، فأجهز على العدو ، لكن ضربات الأسنة ورشقات السهام منعته من التقدم فتوقف قليلاً . . . وسرعان ما وصل إليه الإِمام وقال له : « إحمل بين الأسنة » فتقدم قليلاً ثم توقف ثانية ، فتأثر الإِمام من ضعف ابنه بشدة فاقترب منه و « . . . ضربه بقائم سيفه وقال : أدركك عرق من
____________________
(١) المستطرف من كل فن مستظرف ج ٢ / ٢١٨ .
(٢) المنجد ، مادة : دسَّ .
(٣) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص ١٦٧ ط دار الثقافة في النجف الأشرف .