|
إلى الأبناء ولكن كاستعداد فقط . وقد تعوق أحوال النمو ظهور هذه الأمراض أو تساعد على تحققها » (١) . |
وكذلك السجايا الخلقية الصفات الحميدة أو الصفات الرذيلة للأباء والأمهات تهيىء استعداداً في الأولاد ، فالأباء والأمهات الذين يمتازون بصفات الشجاعة والكرم والتضحية والخدمة ، يخلفون أبناء ذوي فضيلة وإباء وكرم . وعلى العكس من ذلك . فإن الأسر المعروفة بالبخل والجبن والأنانية والحمق لا يخلفون في الأغلب إلا أولاداً حقراء لا وزن لهم في المجتمع .
ولا تقتصر هذه القاعدة التي ذكرناها على الإِنسان ، بل تسري في الحيوانات أيضاً ، فهناك عناصر معينة من الخيول تمتاز على غيرها بصفات خاصة . وكذلك الحمام فهناك بعض الفصائل المعينة فيه لها قابلية التربية والإِستعداد للقيام ببعض الأعمال والخدمات .
سأل المأمون العباسي بعض خواصه ومحارمه يوماً عن سبب ما يلاقيه من جفاء وخيانة وقلة إنصاف من بعض أصحابه وأقاربه الذين كان قد قلدهم مناصب عالية ورتب مهمة في الدولة ، في حين أن المفروض أن يقابلوا إحسانه بالإِحسان لا الإِساءة ، فقال له أحدهم : إن المعنيين بأمر الحمام الزاجل والمهتمين بتربيته يتحققون عن أصله وفصيله الذي ينتمي إليه وعندما يطمئنون إلى عراقة نسبه يهتمون بتربيته كثيراً ويجنون من ذلك فوائد كثيرة . . . « وأنت يا أمير المؤمنين تأخذ أقواماً من غير أصول ولا تدريج ، فتبلغ بهم الغايات فلا يكون منهم ما تؤثره » (٢) .
فمن الطبيعي أن لا يكون الأفراد المختارون لأشغال المناصب من دون إمتحان ولا نظر في أصولهم وأحسابهم وأنسابهم ، على حالة مرضية من حيث الإِخلاص والأمانة والوفاء . . .
____________________
(١) الإِنسان ذلك المجهول ص ١٩٦ .
(٢) مجموعة ورام ج ٢ / ٢٨٦ .