مثله في النية حتى يصير اللفظ بها غير مستقل في الإفادة ، بل النية جارية مجرى انضمام المستقل إلى المستقل ، وظاهر أنه لا يغير حكمه ، كما لو قال : له عليّ عشرة تنقص تسعة ، أو قال : له عليّ عشرة خمسة منها لي.
ولو قال : لا كلمت أحدا ، ولا كلمت زيدا ، كان مقتضيا لتحريم كلام زيد بالعموم تارة ، وبالخصوص أخرى ، ومقتضيا لتحريم كلام غير زيد بالعموم.
فان عورض بأن قوله : لا لبست ثوبا قطنا ، يتخصص به ، مع عدم المنافاة بين الثوب المطلق وبين القطن.
أجيب : بما ذكرناه من الاستقلال وعدمه ، فان قطنا غير مستقل ، فلما انضم إلى المستقل صيره غير مستقل بدونه ، ومخصص بالقطن ، بخلاف النية فإنه لم يثبت لها حكم اللفظ في الانضمام.
قلت : وهذا لا تحقيق له ، لأن صلاحية اللفظ لمن عدا زيدا مع نية زيد به ممنوع. ولا يلزم من صلاحيته مع الإطلاق صلاحيته مع التقييد ، لأن التقييد ينافي الإطلاق من حيث أنه (١) إطلاق.
وأما خبر الشاة ، وخبر العموم ، فهما خبران مستقلان ، فلذلك جمع بينهما ، لعدم التنافي.
وأما صورة النزاع فإنه كلام واجد يتبع مدلوله ، ولا يعلم ذلك إلا من قصد اللافظ ، وإن كان يحكم عليه من حيث الظاهر بإجراء اللفظ على ظاهره ، والتقدير أن اللافظ إنما قصد بالعامّ جزئيا من جزئياته ، فكيف تكون جميع الجزئيات مقصودة؟؟
وأما كون النية لم يثبت لها حكم اللفظ في الانضمام ، فهي جارية مجرى المستقل في أنه لا يغير الحكم في الأول.
__________________
(١) في (ح) : هو.