مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة ، ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً؟!
وقال زهير بن القين : والله لوددت أنّي قُتلت ثمّ نُشرت ثمّ قتلت حتّى اُقتل كذا ألف قتلة وإنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك ، وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك.
وتكلّم جماعة من أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً في وجه واحد ، فقالوا : والله لا نفارقك ، ولكن أنفسنا لك الفداء ، نقيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا ، فإذا نحن قُتلنا كنّا وفينا وقضينا ما علينا».
قال أبو مخنف : عن عبد الله بن عاصم ، عن الضحاك بن عبد الله المشرقي قال : فلمّا أمسى الحسين عليهالسلام وأصحابه قاموا الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ، ويدعون ويتضرّعون.
قال أبو مخنف : فلمّا صلّى عمر بن سعد الغداة يوم السبت ، وقد بلغنا أيضاً أنّه كان يوم الجمعة (١) ، وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء ، خرج فيمَنْ معه من الناس.
سرور برير الهمداني بالشهادة :
قال أبو مخنف : أمر الحسين عليهالسلام بفُسطاط فَضُرِب ، ثمّ أمر بِمِسك فَميثَ في جَفنة عظيمة أو صحفة ، قال : ثمّ دخل الحسين عليهالسلام ذلك الفُسطاط فتطلى بالنورة. قال : وكان عبد الرحمن بن عبد ربّه (٢) وبرير بن خضير الهمداني على باب الفُسطاط تحتك مناكبهما
__________________
(١) المشهور أنّ يوم العاشر سنة ٦١ كان يوم الجمعة ، ويؤيد روايات السبت ما ورد في كامل الزيارات عن صفوان ، عن يعقوب بن شعيب ، عن حسين بن أبي العلاء : ... وقُتل يوم السبت يوم عاشوراء. وما ورد في التهذيب ٤ / ٣٣٤ للطوسي ، عن الباقر عليهالسلام قال : «يخرج القائم عليهالسلام يوم السبت يوم عاشوراء ، اليوم الذي قُتل فيه الحسين عليهالسلام».
(٢) عبد الرحمن بن عبد ربّه الأنصاري صحابي ، ذكره ابن عقدة في كتاب الموالاة فيمَنْ روى حديث «مَنْ كنت مولاه فعلى مولاه» ، وساق من طريق الأصبغ بن نباتة قال : لمّا نشد علي الناس في الرحبة مَنْ سمع