الشيطان!) أعظم الناس تيهاً وكبراً ، تأبى بيعة يزيد بن معاوية تشبهاً بحسين ، ثمّ تتابع حوالك كندة؟ وجعل يضرب بعود في يده رأسه حتّى أدماه ، فقال له محمد : أيّها الرجل ، ملكت فأسجح. فضرب عنقه.
ثمّ أمر بفيروز فعُذّب ، فكان فيما عذّب به أن كان يشدّ عليه القصب الفارسي المشقوق ثمّ يجر عليه حتّى يخرق جسده ، ثمّ ينضح عليه الخلّ والملح ، فلمّا أحسّ بالموت قال لصاحب العذاب : إنّ الناس لا يشكّون أنّي قد قُتلت ، ولي ودائع أموال عند الناس لا تؤدّى إليكم أبداً ، فأظهروني للناس ليعلموا أنّي حي فيؤدّوا المال. فأعلم الحجّاج ، فقال : أظهروه. فاُخرج إلى باب المدينة ، فصاح في الناس : مَنْ عرفني فقد عرفني ، ومَنْ أنكرني فأنا فيروز حصين ، إنّ لي عند أقوام مالاً ، فمَنْ كان لي عنده شيء فهو له ، وهو منه في حلّ ، فلا يؤدّينّ منه أحد درهماً ، ليبلغ الشاهد الغائب. فأمر به الحجّاج فقُتل (١).
قال البلاذري : وكان ممّن خرج مع ابن الأشعث هو عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، فلحق بعمّان وهو شيخ كبير ، فمات بها.
انتقام الحجّاج من أهل الكوفة :
وجاء الحجّاج حتّى دخل الكوفة ، وخطب فيها قائلاً :
يا أهل العراق ، إنّ الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم منكم والعصب ، والأعضاء والأطراف. ألستم أصحابي بالأهواز حين رمتم النكر ، وسعيتم بالغدر ، ويوم الزاوية بما كان من فشلكم وتخاذلكم ، ويوم دير الجماجم؟ فما الذي أذكر منكم يا أهل العراق ، وما الذي أتوقع ، وما الذي أستبقيكم له؟ إن بُعثتم إلى
__________________
(١) تاريخ الطبري. أقول : وقد روى عن النضر بن شميل ، تاريخ الطبري ٥ / ١٨٢ عن هشام بن حسان أنّه قال : بلغ ما قتل الحجّاج صبراً مئة وعشرين ، أو مئة وثلاثين ألفاً.