قال : وجاء حنظلة بن أسعد الشبامي فقام بين يدي الحسين عليهالسلام فأخذ ينادي : (وقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَْحْزابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ * ويا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) غافر / ٣٠ ـ ٣٣. يا قوم ، لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذاب ، وقد خاب مَنْ افترى.
فقال له الحسين عليهالسلام : «يابن أسعد رحمك الله ، إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحقّ ، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين؟». قال : صدقت ، جُعلت فداك ، أنت أفقه منّي وأحقّ بذلك ، أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق بإخواننا؟ فقال : «رُح إلى خير من الدنيا وما فيها ، وإلى ملك لا يبلى». فقال : السلام عليك أبا عبد الله ، صلى الله عليك وعلى أهل بيتك ، وعرّف بيننا وبينك في جنته. فقال : «آمين آمين». فاستقدم فقاتل حتّى قُتل.
شهادة ذرّية الرسول صلىاللهعليهوآله وآل أبي طالب عليهمالسلام :
قال : وكان أوّل قتيل من بني أبي طالب يومئذ علي الأكبر بن الحسين بن علي عليهمالسلام ، وأمّه ليلى ابنة أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وذلك أنّه أخذ يشدّ على الناس ، وهو يقول :
أنا علي بن الحسين بن علي |
|
نحنُ وربِّ البيتِ أولى بالنبي |
تالله لا يحكم فينا ابنُ الدَّعي
ففعل ذلك مراراً.
فبصر به مرّة بن منقذ العبدي فقال : عليَّ آثام العرب إن مرّ بي يفعل مثل ما كان يفعل إن لم أثكل أباه. فمرّ يشدّ على الناس بسيفه ، فاعترضه مرّة بن منقذ فطعنه فصُرع ، واحتوشه الناس فقطّعوه بأسيافهم.