قال أبو مخنف : حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم الأزدي قال : سماع أذني يومئذ من الحسين عليهالسلام يقول : «قتل الله قوماً قتلوك يا بُنَيَّ ، ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول! على الدنيا بعدك العفاء».
وأقبل الحسين عليهالسلام إلى ابنه ، وأقبل فتيانه إليه فقال : «احملوا أخاكم». فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.
قال : ثمّ إنّ عمرو بن صبيح الصائدي رمى عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم ، فوضع كفّه على جبهته ، فأخذ لا يستطيع أن يحرّك كفيه ، ثمّ انتحى له بسهم آخر ففلق قلبه.
فاعتَوَرَهم الناس من كلّ جانب ؛ فحمل عبد الله بن قطبة الطائي على عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتله. وخرج محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وهو يقول :
قد بدلّوا معالمَ الفرقانِ |
|
فعالَ قومٍ في الردى عميانِ |
نشكو إلى اللهِ من العدوانِ |
|
ومحكمِ التنزيلِ والتبيانِ |
فحمل عليه عامر بن نهشل التيمي فقتله.
وشدّ عثمان بن خالد بن أسير الجهني وبشر بن سوط الهمداني ثمّ القابضي على عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب فقتلاه.
ورمى عبد الله بن عزرة الخثعمي جعفر بن عقيل بن أبي طالب فقتله.
قال أبو مخنف : حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم قال : خرج إلينا غلام كان وجهه شقّة قمر ، في يده السيف ، عليه قميص وإزار ونعلان ، قد انقطع شسع أحدهما ما أنسى أنّها اليسرى.
فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي : والله لأشدنّ عليه. فقلت له : سبحان الله! وما تريد إلى ذلك؟ يكفيك قتله هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه.