فحملت عليه رجّالة لهم ترميه بالنبل ، فأقبل حتّى وقف أمام الحسين عليهالسلام.
الحسين عليهالسلام يكره أن يبدأهم بقتال :
قال أبو مخنف : فحدّثني عبد الله بن عاصم ، قال : حدّثني الضحّاك المشرقي ، قال : لمّا أقبلوا نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنّا ألهبنا فيه النار من ورائنا لئلا يأتونا من خلفنا ، إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض على فرس كامل الأداة ، فلم يكلّمنا حتّى مرّ على أبياتنا ، فنظر إلى أبياتنا فإذا هو لا يرى إلاّ حطباً تلتهب النار فيه ، فرجع راجعاً فنادى بأعلى صوته : يا حسين ، استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة. فقال الحسين عليهالسلام : «مَنْ هذا؟ كأنّه شمر بن ذي الجوشن». فقالوا : نعم ، أصلحك الله هو هو. فقال : «يابن راعية المعزى! أنت أولى بها صليّاً». فقال له مسلم بن عوسجة : يابن رسول الله جعلت فداك ، ألا أرميه بسهم ؛ فإنّه قد أمكنني ، وليس يسقط منّي سهم ، فالفاسق من أعظم الجبّارين.
فقال له الحسين عليهالسلام : «لا ترمه ؛ فإنّي أكره أن أبدأهم».
شهادة عبد الله بن عمير الكلبي :
قال أبو مخنف : خرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان ، وسالم مولى عبيد الله بن زياد فقالا : مَنْ يبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم.
قال : فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير. فقال لهما الحسين عليهالسلام : «اجلسا».
فقام عبد الله بن عمير الكلبي فقال : أبا عبد الله ، رحمك الله ، ائذن لي لأخرج إليهما.
فرأى الحسين رجلاً آدم طويلاً ، شديد الساعدين ، بعيد ما بين المنكبين ، فقال الحسين عليهالسلام : «إنّي لأحسبه للأقران قتّالاً ، اخرج إن شئت». فخرج إليهما وقتلهما.
فأخذت أمّ وهب امرأته عموداً ثمّ أقبلت نحو زوجها تقول له : فداك أبي وأمّي! قاتل دون الطيبين ذرّيّة محمد. فأقبل إليها يردّها نحو النساء ، فأخذت تجاذب ثوبه.