وعبر مروان الفرات حتّى أتى الشام وعبد الله يتبعه ، فسار مروان بأهله وعترته من بني اُميّة وخواصه حتّى نزل بنهر أبي فطرس من بلاد فلسطين.
وقتل عبد الله بن علي بدمشق خلقاً كثيراً من أصحاب مروان وموالي بني اُميّة وأتباعهم ، ونزل عبد الله على نهر أبي فطرس ، فقتل من بني اُميّة هناك بضعاً وثمانين رجلاً ، قتلهم مُثلة ، وذلك في ذي القعدة من سنة ثنتين وثلاثين ومئة (١).
واحتذى أخوه داود بن علي بالحجاز فعله ، فقتل منهم قريباً من هذه العدّة بأنواع المثل.
وصل مروان إلى مصر ، فاتبعه عبد الله بجنوده ، فقتله (ببوصير (٢) الأشمونين) من صعيد مصر ، وقتل خواصّه وبطانته ، وشاهد مَنْ بقي منهم أنواع الشدائد وضروب المكاره ، ووقع عبيد الله بن مروان في عدّة ممّن نجا معه في أرض البجة (٣) ، وقطعوا البحر إلى ساحل جدّة ، وتنقّل فيمن نجا معه من أهله ومواليه في البلاد مستترين راضين أن يعيشوا سَوَقة بعد أن كانوا ملوكاً ، فظُفِر بعبيد الله أيام السفاح ، فحبس فلم يزل في السجن بقية أيام السفاح وأيام المنصور وأيام المهدي وأيام الهادي وبعض أيام الرشيد. وأخرجه الرشيد وهو شيخ ضرير ، فسأله عن خبره ، فقال : يا أمير المؤمنين ، حبست غلاماً بصيراً ، واُخرجت شيخاً ضريراً! فقيل : إنّه هلك في أيام الرشيد ، وقيل : عاش إلى أن أدرك خلافة الأمين.
ممّا قيل من الشعر في التحريض على قتل بني اُميّة :
وروى أبو الفرج أيضاً ، عن محمد بن خلف وكيع ، قال : دخل سديف مولى آل أبي لهب على أبي العباس بالحيرة ، وأبو العباس جالس على سريره ، وبنو هاشم دونه على
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٧ / ١٢٠.
(٢) اسم لأربع قرى بمصر (مراصد الاطلاع).
(٣) البجة : مدينة بين فارس وإصبهان (مراصد الاطلاع) ، التنبيه والإشراف ـ للمسعودي / ٢٨٥.