الحرّة ، وإباحة المدينة ثلاثة أيام للجند ، وضرب بيت الله بالمنجنيق ، كان نتيجة طبيعية للتربية المنحرفة التي أرسى دعائمها معاوية وولاته ، ومن سار في ركبه من وضّاعي الحديث ، وخطباء الجمعة والقصّاصين (١).
خلاصة بما قام به معاوية وولاته :
١ ـ بنى معاوية بشكل عام قوّة عسكرية ، وأجهزة ضبط داخلي (الشرطة) خالصة الولاء له ، معادية لعلي وأهل بيته عليهمالسلام.
٢ ـ عني بالكوفة مركز التشيع لعلي عليهالسلام عناية خاصّة ، فغيّر نظام الأسباع فيها إلى نظام الأرباع ، وأخلاها من وجوه أصحاب علي البارزين قتلاً وسجناً ونفياً ، وصفّاها من كثافتها الشيعية بتهجير خمس وعشرين ألف بعوائلهم ، كما صفّى جيشها من كلّ متّهم بحبّ علي فضلاً عن كلّ شيعي ، واعتمد الحمراء والبخارية مادة أساسية لجهاز الشرطة فيها.
٣ ـ أوجد حركة دينية فكرية وسياسية واجتماعية مضادّة لعلي وأهل بيته عليهالسلام تقوم على أساسين :
الأوّل : لعن علي عليهالسلام والبراءة منه بعد كلّ صلاة جمعة بصفته ملحداً في الدين (أي محرفاً فيه) ، والمنع من ذكر أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله في علي وأهل بيته عليهمالسلام في المدارس والمحافل العامة والمساجد ، والحثّ على وضع روايات على لسان النبي صلىاللهعليهوآله تمدح معاوية وعثمان وبني اُميّة وغيرهم ، ووضع أحاديث كاذبة في علي وأهل بيته عليهمالسلام تسوّغ لعنهم والبراءة منهم.
__________________
(١) لم يكن يسمح معاوية لقاصّ يقصّ من دون إجازة منه ، روى البلاذري (ق ٤ ج ١ / ٤٥) بسنده عن أبي عامر الهوزني قال : حججنا مع معاوية ، فلمّا قدمنا مكة أخبر برجل قاصّ يقصّ على أهل مكة ، وكان مولى لبني مخزوم ، فقال له معاوية : أمرت بالقصص؟ قال : لا. قال : فما حملك على أن تقصّ بغير إذن؟ قال : إنّما ننشر علماً علّمناه الله. قال : لو كنت تقدّمت إليك لقطعت طابقاً منك.