الحسين عليهالسلام عُدَّة إلهية لتحقيق التغير المطلوب
كان الانقلاب الفكري الذي قام به معاوية ، والوضع الاجتماعي والفكري الذي انتجه خطيراً جدّاً ، فهو يشبه إلى حدّ كبير الوضع الذي صنعه فرعون مع بني إسرائيل والمجتمع المصري ودين الله الذي جاء به يوسف من قبل. الوضع الذي اقتضت الحكمة الإلهية معه أن يبعث موسى لينقذ بني إسرائيل ، ويجدّد دين يوسف ، ويقيم الحجّة على المجتمع المصري ليحيى مَنْ حي عن بينة ويهلك مَنْ هلك عن بينة. وكذلك الحال مع الوضع الذي صنعه معاوية مع أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله والمجتمع الإسلامي عامّة وشيعة علي خاصة. ولمّا كانت النبوّة قد ختمت بمحمد صلىاللهعليهوآله اقتضت الحكمة الإلهية أن يقوم أوصياؤه (وهم ليسوا بأنبياء) بما كان يقوم به أوصياء الأنبياء الذين كانوا في الغالب أنبياء أيضاً.
اقتضت الحكمة الإلهية أن يعرِّف النبي بأوصيائه من بعده ، ويعرِّف أيضاً بأبرز ما يقومون به ، ويحدّد الموقف منه ؛ لتعرف الأمّة كيف تنظر إلى فعل هذا الوصي ، وكيف تتعامل معه ، ومن ذلك أمر النبي صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام أنّ يقاتل الناكثين والقاسطين والمفسدين من بعده ، وقوله للزبير : «ستقاتل علياً وأنت له ظالم» (١) ، وقوله لعائشة : تنبحها كلاب الحوأب (١) ،
__________________
(١) فتح الباري ١٣ / ٥١ عن كتاب عمر بن شبة في أخبار البصرة قال : أخرج ابن إسحاق من طريق إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبد السّلام (ت ١٤٥) رجل من حيّه قال : خلا علي بالزبير يوم الجمل فقال :