فقال له حبيب : لولا أنّي أعلم أنّي في أثرك ، لاحق بك من ساعتي هذه لأحببت أن توصيني بكلّ ما أهمَّك ؛ حتّى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين.
قال : بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله ـ وأهوى بيده إلى الحسين عليهالسلام ـ أن تموت دونه. قال : أفعل وربّ الكعبة.
شهادة عابس بن شبيب :
وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى شاكر.
فقال : يا شوذب ، ما في نفسك أن تصنع؟
قال : ما أصنع؟ أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى أُقتل.
قال : ذلك الظنّ بك أملاً ، فتقدّم بين يدي أبي عبد الله حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه ، وحتى أحتسبك أنا ؛ فإنّه لو كان معي الساعة أحد أنا أولى به منّي بك لسرّني أن يتقدم بين يدي حتّى أحتسبه ، فإنّ هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكلّ ما قدرنا عليه ؛ فإنّه لا عمل بعد اليوم وإنّما هو الحساب.
قال : فتقدّم ، فسلّم على الحسين عليهالسلام ثمّ مضى فقاتل حتّى قُتل.
ثمّ قال عابس بن أبي شبيب : يا أبا عبد الله ، أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليَّ ولا أحبّ إليَّ منك ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلته. السلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد الله أنّي على هديك وهدي أبيك. ثمّ مشى بالسيف مصلتاً نحوهم وبه ضربه على جبينه.
قال أبو مخنف : حدّثني نمير بن وعلة ، عن رجل من بني عبد من همدان يُقال له : ربيع بن تميم (شهد ذلك اليوم) ، قال : لمّا رأيته مقبلاً عرفته ، وقد شاهدته في المغازي وكان أشجع الناس ، فقلت : أيّها الناس ، هذا الأسد الأسود ، هذا ابن أبي شبيب لا يخرجنّ إليه أحد منكم. فأخذ ينادي : ألا رجل لرجل؟ فقال عمر بن سعد : أرضخوه بالحجارة. قال : فرمي بالحجارة من كلّ جانب. فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ثمّ شدّ على الناس ، فوالله