قال عفيف : كأنّي أنظر إلى العبدي الصريع قام ينفض التراب عن قبائه ويقول : أنعمت عليَّ يا أخا الأزد نعمة لن أنساها أبداً.
عمرو بن قرظة الأنصاري :
وخرج عمرو بن قرظة الأنصاري يُقاتل دون الحسين عليهالسلام وهو يقول :
قد علمت كتيبةُ الأنصارِ |
|
إنّي سأحمي حوزةَ الذمّارِ |
ضربَ غلامٍ غيرَ نكسٍ شاري |
|
دونَ حسينٍ مهجتي وداري |
قال أبو مخنف عن ثابت بن هبيرة : فقُتل عمرو بن قرظة بن كعب ، وكان مع الحسين عليهالسلام ، وكان علي أخوه مع عمر بن سعد ، فنادى علي بن قرظة : يا حسين ، يا كذّاب ابن الكذّاب ، أضللت أخي وغررته حتّى قتلته. قال عليهالسلام : «إنّ الله لم يضلّ أخاك ، ولكنّه هدى أخاك وأضلّك». قال : قتلني الله إن لم أقتلك أو أموت دونك. فحمل عليه فاعترضه نافع بن هلال المرادي فطعنه فصرعه ، فحمله أصحابه فاستنقذوه ، فدووي بعد فبرأ.
شهادة مسلم بن عوسجة :
قال : ثمّ إنّ عمرو بن الحجّاج حمل على الحسين عليهالسلام في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات ، فاضطربوا ساعة ، فصرع مسلم بن عوسجة الأسدي أوّل أصحاب الحسين عليهالسلام ، ثمّ انصرف عمرو بن الحجّاج وأصحابه وارتفعت الغبرة ، فإذا هم به صريع ، فمشى إليه الحسين عليهالسلام فإذا به رمق ، فقال : رحمك ربّك يا مسلم بن عوسجة (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (١).
ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال : عزَّ عليَّ مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنّة. فقال له مسلم قولاً ضعيفاً : بشّرك الله بخير.
__________________
(١) سورة الأحزاب / ٢٣.