وجعل من بينهم مَنْ يتبّوأ موقع الإمامة وهو دون العاشرة ؛ كالجواد والهادي والمهدي عليهمالسلام ، نظير يحيى الذي اُوتي النبوة والكتاب وهو صبي.
وشاءت حكمة الله تعالى أن يجعل المهدي عليهالسلام من آل محمّد صلىاللهعليهوآله نظيراً لعيسى من آل عمران من ناحية الاختلاف في ولادته والامتحان بغيبته ؛ فقد اختلف بنو إسرائيل في ولادة المسيح بعد أن كانوا ينتظرونه جميعاً للنصوص الثابتة عن أنبيائهم وفي كتبهم (١) ؛ فآمنت طائفة لمّا ولد ، وأنكرت طائفة ذلك إلى اليوم. واختلفت أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله في ولادة المهدي المنتظر عليهالسلام من ولد فاطمة عليهاالسلام بعد أن أخبر النبي صلىاللهعليهوآله عنه ، وبشَّر به (٢) ؛ فآمنت طائفة لمّا ولد سنة ٢٥٥ هجـ ، وهي لا تزال مؤمنة به إلى اليوم ، وأنكرت طائفة ذلك إلى اليوم أيضاً.
وشاءت حكمة الله تعالى أن يجعل في الحجج من بعد محمّد صلىاللهعليهوآله في اُمّته امرأة حجّة ، وهي فاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآله ، كما جعل بعد موسى في أمّته امرأة حجّة وهي مريم بنت عمران عليهاالسلام.
ما هي الوظيفة الإلهيّة لأهل البيت عليهمالسلام بعد النبي صلىاللهعليهوآله؟
يمكننا تلخيص وظيفة أهل البيت عليهمالسلام بوصفهم أئمّة إلهيين بعد النبي صلىاللهعليهوآله بأمرين أساسيين هما :
__________________
للنظر ، جعلها الله تعالى من المعالم الهادية إلى حقّانية حركة الأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام ، وبخاصّة بعد أن أصبحت حركتهم عليهمالسلام بما فيها غيبة المهدي عليهالسلام واقعاً تاريخياً ناجزاً ثابتاً تسهل مقارنته مع الواقع التاريخي لحركة الحجج في الأمم السابقة ، كما ذكرها القرآن الكريم والنصوص الموافقة له من أسفار التوراة والإنجيل المتداولة ، وقد درسنا ذلك مفصّلاً وأعددناه في كتاب خاص.
(١) ذكرنا مصادر ذلك في موضعه في الحلقة الثانية من كتابنا شبهات وردود.
(٢) روى أبو داود في سننه عن أبي الطفيل ، عن علي عليهالسلام ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : «لو لم يبقَ من الدهر إلاّ يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً». وفيه أيضاً عن اُمِّ سلمة قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «المهدي من عترتي من ولد فاطمة» ج ٢ / ٤٢٢ ط ١.