وكان ممّا خطب به مطرِّف أصحابه : إنّ الله كتب الجهاد على خلقه وأمر بالعدل والإحسان ، وقال فيما أنزل علينا : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) المائدة / ٢ ، وإنّي أُشهد الله أنّي قد خلعت عبد الملك بن مروان والحجّاج بن يوسف ، فمَنْ أحبّ منكم صحبتي ، وكان على مثل رأيي فليتابعني ؛ فإنّ له الأسوة وحسن الصحبة ، ومن أبى فليذهب حيث شاء ؛ فإنّي لست أحبّ أن يتبعني مَنْ ليست له نيّة في جهاد أهل الجور.
أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وإلى قتال الظلمة ، فإذا جمع الله لنا أمرنا كان هذا الأمر شورى بين المسلمين يرتضون لأنفسهم مَنْ أحبّوا.
وكان ممّا يكتبه إلى الآخرين : أمّا بعد ، فإنّا ندعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه ، وإلى جهاد مَنْ عَنِدَ عن الحقّ واستأثر بالفيء ، وترك حكم الكتاب (١).
انتهت هذه الثورة بمقتل مطرف على يد قوات الحجّاج على مقربة من أصفهان.
ثورة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس ٨١ ـ ٨٤ هجرية :
في عام ٧٨ جعل عبد الملك بن مروان إقليمي خراسان وسجستان ولايتين تابعتين للحجّاج ، وعيَّن الحجّاج المهلّب بن أبي صفرة على خراسان ، وعيَّن عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي البصري عاملاً على سجستان.
ولمّا قدم عبيد الله بن أبي بكرة سجستان امتنع زونبيل صاحب الترك عن دفع الجزية ، فأمره الحجّاج أن يغزوه ، فقاد ابن أبي بكرة جيشاً قوامه عشرين ألفاً من أهل الكوفة والبصرة الذين كانوا يرابطون في سجستان ، ولمّا وصلوا على مقربة من كابل وقعوا في كمائن نُصبت لهم ، ولم ينج منهم سوى خمسة آلاف رجل (وذلك عام ٧٩
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ١١١.