فازدحما أيّهما يطلي على أثره ، فجعل برير يهازل عبد الرحمن ، فقال له عبد الرحمن : دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل. فقال له برير : والله ، لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً ، ولكن والله إنّي لمستبشر بما نحن لاقون ، والله إنّ بيننا وبين الحور العين إلاّ أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم ، ولوددت أنّهم قد مالوا علينا بأسيافهم.
تعبئة الحسين عليهالسلام أصحابه :
قال : وعبّأ الحسين عليهالسلام أصحابه وصلّى بهم صلاة الغداة ، وكان معه اثنان وثلاثون فارساً ، وأربعون راجلاً (١).
فجعل زهير بن القَين في ميمنة أصحابه.
وحبيب بن مظاهر في ميسرة أصحابه.
وأعطى رايته العباس بن علي أخاه.
وجعلوا البيوت في ظهورهم ، وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم.
قال : وكان الحسين عليهالسلام أُتي بقصب وحطب إلى مكان من ورائهم منخفض كأنّه ساقية ، فحفروه في ساعة من الليل ، فجعلوه كالخندق ، ثمّ ألقوا فيه ذلك الحطب والقصب ،
__________________
النبي صلىاللهعليهوآله يقول يوم غدير خم ما قال إلاّ قام ولا يقوم إلاّ مَنْ سمع ، فقام بضعة عشر رجلاً ، منهم : أبو أيوب ، وأبو زينب ، وعبد الرحمن بن عبد ربّه ، فقالوا : نشهد أنا سمعنا رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «إنّ الله وليي وأنا ولي المؤمنين ، فمَنْ كنت مولاه فعلي مولاه». وفي سنده مَنْ لا يُعرف. الإصابة ٤ / ٣٢٨.
(١) وفي رواية عمار الدهني (الطبري ٤ / ٢٩٢) : أنّه عليهالسلام كان معه خمسة وأربعين فارساً ، ومئة راجل قال المؤلِّف : هؤلاء الرجالة سواء كانوا أربعين أو مئة فهم الذين خرجوا من الكوفة بشِقِّ الأنفس خُفية أيام المهادنة ، وهذا قرينة أكيدة على أنّ خطّة مسلم عليهالسلام مع أنصار الحسين عليهالسلام بعد اعتقال هانئ بن عروة في الكوفة هي اللحاق بالحسين عليهالسلام ، كلّ بحسب قدرته وتمكّنه ، ولم تكن خطّته أن يثور بأهل الكوفة ضدّ ابن زياد.