ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو ، أنزلته بك وشكوته إليك ؛ رغبة منّي إليك عمّنْ سواك ففرَّجته وكشفته ، فأنت ولي كلّ نعمة ، وصاحب كلّ حسنة ، ومنتهى كلّ رغبة».
خطاب الحسين عليهالسلام يوم العاشر :
ثمّ اتّجه إلى القوم وخاطبهم : «أيّها الناس ، اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتّى أعظكم بما لحقّ لكم عليَّ ، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم ؛ فإن قبلتم عذري ، وصدّقتم قولي ، وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد ، ولم يكن لكم عليّ سبيل ، وإنْ لم تقبلوا منّي العذر ، ولم تعطوا النصف من أنفسكم ، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون ، إنّ وليي الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين ...».
وحمد الله وأثنى عليه ، وذكر الله بما هو أهله ، وصلى على محمد صلىاللهعليهوآله وعلى ملائكته وأنبيائه ، فذكر من ذلك ما الله أعلم ، وما لا يحصى ذكره.
قال : فوالله ما سمعت متكلّماً قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه.
ثمّ قال : «عباد الله ، اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر ؛ فإنّ الدنيا لو بقيت لأحد وبقي عليها أحد كانت الأنبياء أحقّ بالبقاء ، وأولى بالرضا ، وأرضى بالقضاء ، غير أنّ الله تعالى خلق الدنيا للبلاء ، وخلق أهلها للفناء ؛ فجديدها بالٍ ، ونعيمها مضمحلّ ، وسرورها مكفهر ، والمنزل بلغة ، والدار قلعة ، فتزوّدوا فإنّ خير الزاد التقوى ، واتقوا الله لعلكم تفلحون» (١).
ثمّ قال : «أمّا بعد ، فانسبوني فانظروا مَنْ أنا؟ ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟
ألست ابن بنت نبيكم صلىاللهعليهوآله وابن وصيه وابن عمّه ، وأوّل المؤمنين بالله ، والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربّه؟
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر ٤١ / ٢١٨.