فتوح البلدان غطاء عام للانقلاب الاُموي :
تعطلّت حركة الفتوح في عهد علي عليهالسلام بسبب حرب الجمل وصفين والنهروان ، وغارات معاوية بعد التحكيم على الأطراف التابعة لعلي عليهالسلام ، وكان أهم ما نهض به معاوية بعد إبرام الصلح مع الحسن عليهالسلام هو إحياء حركة الفتوح لتحقيق مكاسب عديدة منها :
١ ـ إقناع الناس أنّ السلطة الاُمويّة تعمل من أجل إعلاء كلمة الإسلام ونشره إلى بلاد جديدة.
٢ ـ إشغال المعارضة عن متابعة السلطة ، ومراقبة أعمالها الداخلية ، وتوجيه النقد إليها ، وكذلك إبعاد مَنْ تريد إبعاده بطريقة ذكية غير مثيرة.
٣ ـ الحصول على موارد جديدة من المال والثروات ، أو القوّات الخاصة لحفظ الأمن الداخلي (١).
قال سعيد بن عبد العزيز : لمّا قُتل عثمان ووقع الاختلاف لم يكن للناس غزو حتّى اجتمعوا على معاوية فأغزاهم مرات (٢).
__________________
قال القاضي أبو بكر محمّد بن الطيّب الباقلاني (ت : ٤٠٣ هـ) في كتاب التمهيد في باب ذكر ما يوجب خلع الإمام وسقوط فرض طاعته ما ملخّصه : قال الجمهور من أهل الإثبات وأصحاب الحديث : لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال ، وضرب الأبشار ، وتناول النفوس المحرّمة ، وتضييع الحقوق ، وتعطيل الحدود ، ولا يجب الخروج عليه بل يجب وعظه وتخويفه ، وترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي اللّه. واحتجّوا في ذلك بأخبار كثيرة متظافرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمّة وإن جاروا واستأثروا بالأموال.
(١) روى الطبري عن المدائني أنّ البخارية الذين قدم بهم عبيد الله بن زياد البصرة ألفان ، كلّهم جيد الرمي بالنشّاب. أقول : وهم من نتائج فتح بخارى على يده حينما كان والياً على خراسان سنة ٥٣ ، ولمّا ولاّه معاوية البصرة اصطحبهم معه ، وكانوا حرسه الخاص ، وهؤلاء أُضيفوا إلى الأربعة آلاف الذين اصطنعهم أبوه زياد شرطة للبصرة. وفي أنساب الأشراف (ق ٤ ج ١ / ١٧٩) : لمّا خرج طوّاف بن علاّق بالبصرة ندب عبيد الله الشرط والبخارية ، فأتوهم وواقعوهم وهزموهم وقتلوهم.
(٢) سير أعلام النبلاء ٣ / ١٥٠ ، تاريخ دمشق ـ لأبي زرعة ١ / ١٨٨ و ٣٤٦ ، تاريخ دمشق ـ لابن عساكر ١٦ / ٢.