الذي له أروع السابقات في الإسلام ، وأعظم المنزلة عند الله ورسوله ، وملاحقة مَنْ يُعرف بحبّه وولائه له.
وأقلّ ما يُقال في يزيد بن معاوية : إنّه رجل طالب ملك ودنيا ، ورجل شهوات وملذّات. وتعتبر هذه السياسة هي الطريق الوحيد لكي يتبوّأ موقع الحكم في المجتمع الإسلامي والدولة الإسلاميّة المترامية الأطراف ، وبالتالي فهو سوف لن يتساهل في تطبيق هذه السياسة ؛ لأنّ الملك عقيم كما يُقال ، وسوف يقتل أيّ شخص معارض لتلك السياسة مهما كانت منزلته. وبين يديه تجربة أبيه حين قتل الصحابي حجر بن عدي جهاراً ، وحجر قد أجمعت كلمة علماء المسلمين قاطبة على إجلاله واحترامه ، ولم يكن له ذنب سوى أنّه عارض هذه السياسة بلسانه لا غير.
الموقف المترقّب من الحسين عليهالسلام إزاء السياسة الاُمويّة :
وليس من شك أنّ الحسين عليهالسلام وهو في منزلته المعروفة من النبي صلىاللهعليهوآله الذي يقول فيه : «حسين منّي وأنا من حسين» ، لا يترقّب منه أن يقرّ تلك السياسة ، أو يقف منها موقفه زمن معاوية بل المترقّب منه هو رفضها ، والعمل على كسرها مهما كان ثمن الرفض غالياً.
ومن هنا كان موقفه واضحاً من اليوم الأوّل ، وهو رفض بيعة يزيد «لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد» (١).
وممّا لا شك فيه أنّ ثمن هذا الموقف الرافض للبيعة هو القتل ، إلاّ أن يتوفّر له أهل بلد من البلدان الإسلاميّة يبايعونه على حمايته ونصرته ، وهذا معناه أن يتعرّض ذلك البلد إلى جيش أهل الشام ، ويجري عليه ما جرى على أهل المدينة حين ثاروا بقيادة عبد الله بن حنظلة على يزيد ، وأخرجوا واليه ومَنْ كان بالمدينة من بني اُميّة ، أو ينصره الله تعالى كما نصر نبيّه على قريش بعد عدّة وقائع جرت بينه وبينها.
__________________
(١) فتوح ابن أعثم ٥ / ٣٢ ، مقتل الخوارزمي.