ويتّضح من ذلك أنّ الحسين عليهالسلام أمام ثورة على السلطة ـ كما يعبّر بلغة العصر ـ ، أو خروج ـ كما يعبّر بلغة تاريخية ـ فما هو يا ترى هدفه من الثورة أو الخروج؟ وما هي خطّته لتحقيق ذلك ، وبخاصّة وقد سبقه خروج الخوارج المتكرّر على معاوية خلال عشرين سنة من حكمه؟
أشرنا فيما مضى إلى الهدف والخطّة ولا بأس باستذكارها هنا :
١ ـ استهدف الحسين عليهالسلام من خروجه كسر الطوق الاجتماعي والسياسي المفروض على الأحاديث النبوية الصحيحة بالمبادرة إلى التحديث بها علناً ؛ لإسماع مَنْ لم يسمعها ، وتذكير مَنْ كان قد سمعها ثمّ تناساها صاحبها خشية أن تناله أعظم العقوبة بسببها. وهذا الهدف يناسبه أن يمارسه الحسين عليهالسلام في بقعة يتواجد فيها المسلمون من كلّ الأطراف ، وليس مثل مكّة بلد في هذه الصفة إذ هي قبلة المسلمين آنذاك جميعاً ، ومهوى أفئدتهم في موسم العمرة والحجّ.
٢ ـ إفهام المسلمين جميعاً أنّ السلطة الاُمويّة مصمّمة على قتله ؛ لأنّه مصمّم على عدم الاستجابة لسياستها ، وهو مصمّم على توعية الأمّة بأحاديث جدّه صلىاللهعليهوآله فيه وفي أبيه ، وفي بني اُميّة وفي أحكام الإسلام التي غيّروها ، ثمّ يعرض عليهم أن يحموه ليواصل التبليغ عن جدّه النبي صلىاللهعليهوآله. وليس من شك أنّ أفضل مكان يستطيع الحسين عليهالسلام فيه أن يلتقي بأخيار المسلمين من كلّ الأقطار هو مكّة ، وبخاصّة في موسم العمرة والحجّ.
٣ ـ أن تتوفّر له حماية أولية تسمح له أن يمارس في ظلّها حركته التبليغيّة المعلنة في مرحلتها الأولى ، ريثما يحصل على أنصار في بلد يتبنّى نصرته وحمايته ؛ ليحقق أهدافه كاملة من تبليغ الإسلام الصحيح والتربية عليه وإقامة دولة الحق. وقد تمثّلت هذه الحماية ببني هاشم حيث صاروا للحسين عليهالسلام في هذه المرحلة كما كان آباؤهم للنبي صلىاللهعليهوآله من قبل.
٤ ـ أن يهاجر إلى بلد النصرة والحماية ؛ ليقوم بتوعية أهله بأحاديث النبي الصحيحة