ذلك ، واستجاب معاوية أخيراً للشروط ، واتّضح لأهل الشام جليّاً أنّ معاوية كان يُقاتل على الملك وليس من أجل دم عثمان ؛ بدليل أنّه لمّا عرض عليه الملك بشرط أمان الناس كلّهم بما فيهم مَنْ هو متّهم من قبل الإعلام الاُموي في دم عثمان ، رضيَ به ، بل طار له فرحاً (١).
عاشت الاُمّة عشر سنوات من الصلح سنوات أمان تامّ ، وتحرَّك أصحاب علي عليهالسلام من العراقيين ينشرون سُنّة النبي صلىاللهعليهوآله ، واختلطوا بأهل الشام في موسم الحجّ والعمرة ، ومن خلال الوفود إلى الشام نفسها.
وانتشرت أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله في علي عليهالسلام ، وعرف الشاميُّون موقعه في الإسلام ، وعرفوا سيرته المشرقة المتطابقة مع سيرة النبي صلىاللهعليهوآله ، وأحبّ الناس جميعاً الحسن عليهالسلام ؛ لِما حقّق لهم من الأمان ، ولِما رأوا من أخلاقه وعبادته وعلمه من خلال موسم الحجّ الذي أحياه بالحجّ ماشياً عشر سنوات بعد الصلح (٢) ، ومن خلال سفراته إلى الشام ، وأدرك الناس بعمق كلمة النبي صلىاللهعليهوآله في حقّ الحسن عليهالسلام حين قال : «إنّ ابني هذا سيّد ، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (٣).
ضلالة بني اُميّة :
لم يرُق لمعاوية أن يموت ويترك الاُمور ممهَّدة للحسن بن علي عليهماالسلام ، الذي برَّزته الأحداث أعظم مصلح في الأمّة ، ثمّ يستمر الأمر من بعده للحسين بن علي عليهماالسلام والأئمّة من ذرّيته عليهمالسلام شهداء على الناس ، وأئمّة هدى يقودون الناس إلى الله تعالى. وخطّط
__________________
(١) روى ... أنّ معاوية حجّ سنة ٤٤ ، ولمّا دخل المدينة وزار بيت عثمان استقبلته عائشة بنت عثمان صائحة وا عثماناه ...!
(٢) يذكر المترجمون للحسن عليهالسلام أنّه حجّ خمساً وعشرين حجّةً ماشياً على قدميه ، فتكون هذه في السنوات الماضية من حياته عليهالسلام.
(٣) أوردتها كتب الصحاح والمسانيد.