وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ... وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) الأنفال / ٦٠ ـ ٦١ ، ويكون بذلك قد أمدَّهم بمبرر قويّ لحربه.
وهو إن أقرَّ اُطروحة معاوية في الصلح يكون قد كرَّس جهلَ أهل الشام بالأحاديث النبويّة في حقّ علي عليهالسلام ، وجهلهم بسيرته التي هي سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآله. مضافاً إلى ذلك ، فإنّ اُطروحة معاوية في الصلح تستبطن إجراءً سوف يتّخذه معاوية مستقبلاً يقضي بمنع أهل الشام من الذهاب إلى مكة حتّى لا يختلطوا بالعراقيين ويتعلّموا منهم أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله في حقّ علي عليهالسلام ، ولا يتعرّفوا على سيرته المشرقة. وهذه الخطوة سوف تجرّ إلى تبنّي القبلة الأولى (بيت القدس) في قبال مكة ، وحذف آيات نسخها من القرآن ، وبذلك تعدّد القبلة ويتعدّد الكتاب ، وكذلك تجرّ إلى أمور أخرى (١).
ومن هنا قدّم الحسن عليهالسلام اُطروحة جديدة للصلح تستند إلى اُطروحة جدّه النبي صلىاللهعليهوآله في صلحه مع قريش ، مع تطوير يناسب المقام ويحقّق الأهداف كاملة. وتمثّلت هذه الاُطروحة الحسنية بأن يسلّم الأمر كلّه لمعاوية لقاء شروط يصوغها الحسن عليهالسلام ، وفوجئ معاوية بهذه الاُطروحة وطار لها فرحاً ، لم يكن يصدِّق ذلك.
أرسل معاوية للحسن عليهالسلام صحيفة بيضاء موقعة من طرفه يكتب شروطه عليها ، وكان من هذه الشروط : أن يكون الأمر للحسن عليهالسلام بعد معاوية.
ومنها : أن يترك لعن علي عليهالسلام.
ومنها : أن يسير معاوية بالكتاب والسنّة.
ومنها : أمان كلّ شيعة علي ، وغير ذلك.
وحاول معاوية أن يستثني عشرة من شيعة علي من الأمان ، ولكن الحسن عليهالسلام رفض
__________________
(١) من قبيل الاقتتال فيما بينهم ، ثمّ طمع الروم فيهم وزوال الدولة الإسلاميّة مبكّراً.