الشمس في يميني ، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتّى يظهره الله ، أو أهلك دونه» (١). والقضية واحدة عند النبي صلىاللهعليهوآله وعند الحسين عليهالسلام ، قريش أرادت من النبي صلىاللهعليهوآله أن يترك دعوة التوحيد ويقرّ عبادة الأصنام ، وبنو أميّة يريدون من الحسين عليهالسلام أن يترك أحاديث جدّه في أهل بيته الذين عيّنهم بأمر الله تعالى حججاً على الناس وأئمّة هدى لتموت ، وتحلّ بدلها أحاديث كاذبة قيلت على لسانه في خلفاء بني اُميّة على أنّهم حجج الله وأئمّة الهدى ليتديَّن بها الناس على أنّها الحقّ.
الكوفة المستضعفة تستجيب للحسين عليهالسلام :
وكما كان جدّ الحسين عليهالسلام النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله يعرض نفسه على القبائل في موسم الحجّ فلم يستجب له غير أهل المدينة وفازوا بنصرته ، وبعث النبي صلىاللهعليهوآله معهم مصعباً ، فأوجد جوّاً عاماً في المدينة ، وجاء وجوههم وبايعوا النبي صلىاللهعليهوآله على النصرة والقتال ودعوه إلى المدينة ، ولمّا عرفت قريش بذلك صمّمت على قتل النبي صلىاللهعليهوآله غيلة ، وأوحى الله تعالى له بذلك فترك مكّة ليلاً وسار أياماً ، وبعثت قريش خلفه أُناساً ليقتلوه ، ثمّ أدركه الطلب فالتجأ إلى غار ثور ، وبعث الله تعالى الحمامة والعنكبوت لتنسج على باب الغار ، وبذلك أنقذ الله تعالى نبيّه من قتل محتّم ، ووصل النبي صلىاللهعليهوآله إلى أنصاره وقاتل بهم قريشاً حتّى نصره الله تعالى وبلّغ رسالته.
كذلك قيَّض الله تعالى للحسين عليهالسلام بقايا وجوه شيعة أبيه من أهل الكوفة ، هؤلاء الذين كانوا عماد حركته التبليغيّة السرّية زمن معاوية ، وتحمّلوا القتل والسجن والتشريد من أجلها ، دعوه إلى بلدهم ، وبعث معهم ابن عمّه مسلم بن عقيل يتحرّك باسمه بين الناس سرّاً (٢) ، وأوجد جوّاً عاماً لنصرة الحسين عليهالسلام ، ثمّ خرج إلى مكّة وجوه منهم يبايعون
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ٦٧.
(٢) قال ابن سعد (في الناقص من الطبقات ١ / ٤٥٨) : فقدم مسلم بن عقيل الكوفة مستخفياً ، وأتته الشيعة. وأكّد ذلك القاضي النعمان المغربي في كتابه (شرح الأخبار ٣ / ١٤٣) ، قال : وكان مسلم بن عقيل رحمهالله قد بايع له جماعة من أهل الكوفة في استتارهم.