الإسلام ، فإن فعلوا فاقبل واكفف ، ثمّ ادعهم إلى التحوّل من دارهم إلى المهاجرين ، فإن فعلوا فأخبرهم أنّ لهم ما للمهاجرين ، وعليهم ما على المهاجرين. وإن دخلوا في الإسلام واختاروا دارهم فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين ، يجري عليهم حكم الله ، ولا يكون لهم في الفيء ولا في الغنيمة شيء إلاّ أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية ، فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. وإن أنت حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادوا أن تستنزلهم على حكم الله فلا تستنزلهم على حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك ؛ فإنّك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا ، وإن حاصرت أهل حصن أو مدينة وأرادوا أن تجعل لهم ذمّة الله وذمّة رسول الله فلا تجعل لهم ذمّة الله وذمّة رسول الله ، ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أبيك وأصحابك ؛ فإنّكم إن تخفروا (١) ذممكم وذمم آبائكم خير لكم من أن تخفروا ذمّة الله وذمّة رسوله» (٢).
قال ابن أبي الحديد : وروى عن زيد بن أرقم من طرق مختلفة أنّه قيل له : بأيّ شيء كفّرتم عثمان؟ فقال : بثلاث ؛ جعل المال دولة بين الأغنياء ، وجعل المهاجرين من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله بمنزلة مَنْ حارب الله ورسوله ، وعمل بغير كتاب الله (٣).
وكذلك روايات عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعامر بن واثلة وعطية ونظرائهم ، وستأتي في فصل قادم من هذا الكتاب.
الحرب بين مصعب والمختار :
قال الطبري : وفي هذه السنة (٦٧ هـ) سار مصعب بن الزبير إلى المختار فقتله.
قال هشام بن محمد ، عن أبي مخنف ، حدّثني حبيب بن بديل قال : لمّا قدم شبث على مصعب بن الزبير البصرة ، وتحته بغلة له قد قطع ذنبها ، وقطع طرف اُذنها ، وشقّ قباءه
__________________
(١) الأخفار : عدم الوفاء للمجير. والخفارة : الذمّة. (كتاب العين ـ مادة خَفَر).
(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١٥ / ٦٤.
(٣) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٣ / ٥١.