وهو ينادي : يا غوثاه! يا غوثاه! فأتى مصعب ، فقيل له : إنّ بالباب رجلاً ينادي : يا غوثاه! يا غوثاه! مشقوق القباء ، من صفته كذا وكذا ، فقال لهم : نعم ، هذا شبث بن ربعي ، لم يكن ليفعل هذا غيره ، فأدخلوه. فأُدخل عليه ، وجاءه أشراف الناس من أهل الكوفة فدخلوا عليه ، فأخبروه بما أُصيبوا به ، وسألوه النصر لهم والمسير إلى المختار معهم.
أقول : ولا بدّ أنّ شبثاً وأصحابه قالوا لمصعب : إنّ المختار وأصحابه قد أظهر هو وسبائيته البراءة من الأسلاف الصالحين (١).
قال أبو مخنف : فحدّثني أبو يوسف بن يزيد أنّ مصعب لمّا أراد المسير إلى الكوفة حين أكثر الناس عليه قال لمحمد بن الأشعث : إنّي لا أسير حتّى يأتيني المهلّب بن أبي صفرة. فكتب مصعب إلى المهلّب وهو عامله على فارس : أن أقبل إلينا لتشهد أمرنا ، فإنّا نريد المسير إلى الكوفة.
فخرج المهلّب وأقبل بجموع كثيرة وأموال عظيمة معه.
وخرج مصعب ، فقدّم أمامه عبّاد بن الحصين الحبطي من بني تميم على مقدّمته ، وبعث عمر بن عبيد الله بن معمر على ميمنته ، وبعث المهلّب بن أبي صفرة على ميسرته ، وجعل مالك بن مسمع على خمس بكر بن وائل ، ومالك بن المنذر على خمس عبد القيس ،
__________________
(١) روى الطبري قال : قال أبو مخنف : فحدّثني قدامة بن حوشب قال : جاء شبث بن ربعي ، وشمر بن ذي الجوشن ، ومحمد بن الأشعث ، وعبد الرحمن بن سعيد بن قيس ، حتّى دخلوا على كعب بن أبي كعب الخثعمي ، فتكلّم شبث وقال فيما يعتب المختار : إنّه زعم أنّ ابن الحنفيّة بعثه إلينا ، وقد علمنا أنّ ابن الحنفيّة لم يفعل ، وأظهر هو وسبائيته البراءة من أسلافنا الصالحين (تاريخ الطبري ٤ / ٥١٨). أقول : إنّ أبا مخنف يجعل هذه الواقعة في الكوفة بعد روايته قيام ثورة ضدّ المختار من قِبل شبث وأصحابه من قَتَلة الحسين ، ولم يكن قد بدأ بقتلهم ، غير أننا نرى أنّ المختار حين قام وجرت معركة بينه وبين شبث وأصحابه وابن مطيع مع المختار وأصحابه لم يؤمن قتلة الحسين عليهالسلام ، بل قتلهم في تلك الواقعة واقتصّ منهم ، ثمّ هرب شبث وأصحابه إلى البصرة ، وشبث يعرف أنّ اُطروحة المختار وأصحابه هي أطروحة علي ، (وموقف علي عليهالسلام من الحكّام الذين قبله معروف). والسبائية في النصّ لقب ظهر في العهد العباسي الأوّل يشير إلى الشيعة القائلين بالنصّ لعلي عليهالسلام ، الذي يترتّب عليه البراءة من عدوّه.