الكراسي ، وبنو أمية حوله على وسائد قد ثنيت لهم ، وكانوا في أيام دولتهم يجلسونهم والخليفة منهم على الأسرّة ، ويجلس بنو هاشم على الكراسي ، فدخل الحاجب ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بالباب رجل حجازي أسود راكب على نجيب متلثّم ، يستأذن ولا يخبر باسمه ، ويحلف لا يحسر اللثام عن وجهه حتّى يرى أمير المؤمنين. فقال : هذا سديف مولانا ، أدخله. فدخل فلمّا نظر إلى أبي العباس وبنو أمية حوله حسر اللثام عن وجهه ، ثم أنشد :
أصبحَ الملكُ ثابتَ الآساس |
|
بالبهاليل من بني العباسِ (١) |
بالصدورِ المقدّمين قديماً |
|
والبحورِ القماقمِ الرؤّاسِ |
يا إمامَ المطهّرين من الذمِّ |
|
ويا رأسَ منتهى كلّ راسِ |
أنتَ مهدي هاشم وفتاها |
|
كم اُناسٍ رجوكَ بعدَ اُناسِ |
لا تقيلنَّ عبد شمس عثاراً |
|
واقطعن كلّ رقلةٍ وغراسِ |
أنزلوها بحيث أنزلها اللهُ |
|
بدارِ الهوانِ والإنعاسِ |
خوفُها أظهرَ التودّدَ منها |
|
وبها منكمُ كحزِّ المواسي |
أقصهم أيّها الخليفة واحسم عنك |
|
بالسيفِ شأفةَ الأرجاسِ |
واذكرن مصرعَ الحسينِ وزيدٍ |
|
وقتيلاً بجانبِ المهراسِ |
والقتيل الذي بحرّان أمسى |
|
ثاوياً بين غربةٍ وتناسِ (٢) |
فلقد ساءني وساءَ سوائي |
|
قربُهم من نمارقٍ وكراسي (٣) |
نعمَ كلبُ الهراشِ مولاك شبلٌ |
|
لو نجا من حبائلِ الإفلاسِ |
__________________
(١) قال في الكامل : الآساس : جمع أس ، وتقديرها (فعل) (بضم العين وسكون اللام) ، و(إفعال) ، وقد يُقال : للواحد أساس ، وجمعه اُسس. والبهلول : الضحّاك. وقال المرصفي : الأجود تفسيره بالعزيز الجامع لكلّ خير.
(٢) القتيل الذي بحرّان : هو إبراهيم بن محمد بن علي ، وهو الذي يُقال له الإمام.
(٣) سوائي : أي سواي. والنمارق : واحدتها نمرقة ، وهي الوسائد.