قال : فتغيّر لون أبي العباس ، وأخذه زمع (١) ورعدة ، فالتفت بعض ولد سليمان بن عبد الملك إلى آخر فيهم كان إلى جانبه ، فقال : قتلنا والله العبد!
فأقبل أبو العباس عليهم ، فقال : يا بني الزواني ، لا أرى قتلاكم من أهلي قد سلفوا وأنتم أحياء تتلذذون في الدنيا ، خذوهم. فأخذتهم الخراسانية (بالكافر كوبات) فأهمدوا إلاّ ما كان من عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، فإنّه استجار بداود بن علي وقال : إنّ أبي لم يكن كآبائهم ، وقد علمت صنيعته إليكم. فأجاره واستوهبه من السفاح ، وقال له : قد علمت صنيع أبيه إلينا. فوهبه له وقال : لا يريني وجهه ، وليكن بحيث نأمنه. وكتب إلى عمّاله في الآفاق بقتل بني اُميّة (٢).
فأمّا أبو العباس المبرّد ، فإنّه روى في الكامل (٣) هذا الشعر على غير هذا الوجه ، ولم ينسبه إلى سديف ، بل إلى شبل مولى بني هاشم.
قال أبو العباس : دخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي ، وقد أجلس ثمانين من بني اُميّة على سمط الطعام ، فأنشده :
أصبحَ الملكُ ثابتَ الآساس |
|
بالبهاليلِ من بني العباسِ |
طلبوا وترَ هاشم وشفوها |
|
بعد ميلٍ من الزمانِ وياسِ |
لا تقيلنّ عبدَ شمسٍ عثاراً |
|
واقطعن كلّ رقلةٍ وأواسي |
ذلُّها أظهرَ التودّدَ منها |
|
وبها منكمُ كحزِّ المواسي (٤) |
ولقد غاظني وغاظَ سوائي |
|
قربُها من نمارقٍ وكراسي |
أنزلوها بحيث أنزلها اللهُ |
|
بدارِ الهوانِ والإتعاسِ |
__________________
(١) الزمع : شدّة الرعدة.
(٢) الأغاني ٤ / ٢٤٤ ـ ٢٤٦.
(٣) الكامل ٨ / ١٣٤ ـ ١٣٥ بشرح المرصفي.
(٤) مروج الذهب ٣ / ٢٦١ وما بعدها.