بزعامة سليمان بن صرد ، ثمّ بزعامة المختار الثقفي ، ولكن عبد الله بن الزبير لا يحتمل ذلك ، وبخاصّة وإنّ الكوفة كانت تابعة له ، فبعث أخاه مصعب بأهل البصرة وبقايا الجيش الذي قاتل الحسين عليهالسلام الذي خرج من الكوفة فارّاً من المختار ، وطوق الكوفة وقتل المختار ، وقتل بعد ذلك زوجة المختار ؛ لأنّها لم تتبرّأ منه ، ومعها ستة آلاف صبراً ممّن كان مع المختار في القصر.
ولئن استطاع عبد الملك بعد عشرين سنة أن ينتصر على المعارضة والثوّار في أنحاء البلاد الإسلاميّة ، وأن يستعيد وحدة الدولة الاُمويّة وفرض السياسة التي اختطها معاوية من جديد ، فإنَّ حرارة الزلزال في الكوفة ، والمغتربين من أبنائها في خراسان لم تكن قد انتهت ، فكانت ثورة زيد في الكوفة ، وكان قدره فيها كقدر جدّه الحسين عليهالسلام أن يكون وقوداً وزيتاً للثائرين. ثمّ كانت ثورة العباسيِّين بالكوفيين المغتربين ومَنْ معهم من أهل خراسان ، وانهار على أيديهم الحكم الأموي والأطروحة الاُمويّة للإسلام ، المبني على لعن علي عليهالسلام إلى غير رجعة ، حيث لم يجئ حكم بعد ذلك يتبنّى لعن علي عليهالسلام إلى اليوم ، ولن يجيء إلى آخر الدنيا.
وانتشرت الأحاديث النبوية التي عمل بنو اُميّة على طمسها وكتمانها وتحريفها ، واهتدى بها مَنْ أراد الهداية من الأمّة ، وهي محفوظة في كتب المسلمين جميعاً إلى اليوم. وأيد الله تعالى الحسين عليهالسلام تأييداً خاصاً حين بتر نسل يزيد فلا يوجد اليوم مَنْ ينتسب إليه ، وبارك الله تعالى في نسل الحسين عليهالسلام فهو يملأ الدنيا ، ورزقه منهم تسعة أئمّة هدى أسباطاً ، أعلام هداية ، نشروا ما كان يحمله الحسين عليهالسلام من تراث نبوي كتبه علي عليهالسلام بيده الكريمة الطاهرة ، وأملاه النبي من فيه الشريف المطهّر ، والتفّ حولهم شيعة يأخذون عنهم هذا التراث الإلهي ، ويحملون ظلامة الحسين عليهالسلام غضة طرية كلّ عام في عاشوراء ؛ ليهتدي بهديها مَنْ شاء من الناس.