وبنو الجندي منهم في دمشق وحمص والمعرة. وللمترجم ولد اسمه أمين أفندي سكن دمشق وتولى إفتاء السادة الحنفية فيها ، وكان عالما وشاعرا أديبا ا ه.
ويجدر أن نذكر هنا حكاية لطيفة ذكرها جميل أفندي الجابري الحلبي في مجموعته ، وهي أنه لما عين محمد رشدي باشا الشرواني واليا على دمشق سنة ١٢٧٩ ، وكان مفتيها وقتئذ الشيخ أمين أفندي الجندي ، وكان بينهما مودة سابقة وصحبة أكيدة ، فظن أمين أفندي أنه الآن قد صفا له الزمان وذاق حلاوة المنصب لما كان بينهما من وحدة الحال ، وقد كانا منتسبين إلى علي فؤاد باشا الصغير ، فلم تمض أيام قلائل إلا وكتب الشرواني إلى دار الخلافة بلزوم عزل أمين أفندي من منصب الإفتاء وإسدائه إلى الشيخ محمود أفندي حمزة بدون سبب ، وبعد أن تم الحال على ذلك وجد الباشا المشار إليه بمحفل عظيم حوى الكثير من أفاضل دمشق ووجهائها وفيهم أمين أفندي الجندي ، فأخرج الباشا ورقة حاوية على بيت من الشعر وهو :
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها |
|
عند التقلب في أنيابها العطب (١) |
وطلب من فضلاء الحاضرين تخميسه ، وكان قصده ظاهرا أن يقف على بداهة الفضلاء منهم وباطنا التبكيت على أمين أفندي ، فأخذ فضلاء الحاضرين يتبارون في ذلك ، وأظهر كل واحد منهم ما عنده من المقدرة الشعرية ، وأما أمين أفندي فإنه امتنع عن تخميسه واعتذر بقلة البضاعة واشتغال البال ، فلم يقبل اعتذاره وألح عليه الحاضرون بتخميسه ، ولما لم يجد بدا من ذلك أخذ القلم وكتب ارتجالا :
لا تغترر بليال نام حارسها |
|
ولا بدولة فسق أنت فارسها |
واحذر أسود الوغى يوما تدانسها |
|
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها |
عند التقلب في أنيابها العطب |
وناول الورقة للباشا ، فلما قرأها خجل خجلا زائدا وندم على ما فرط منه.
١٢١٦ ـ الشيخ محمد أبو الوفا الرفاعي المتوفى سنة ١٢٦٤
الشيخ محمد أبو الوفا بن محمد بن عمر الرفاعي.
__________________
(١) البيت منسوب إلى عنترة.