فيا ليت أمي لم تلدني وليتني |
|
خلقت كما أهوى ونلت مطالبي |
سلامي على الدنيا إذا كان أهلها |
|
يواسون فيها كل كاس وكاسب |
وقال مضمنا بيت ابن الوردي :
(واهجر الخمرة إن كنت فتى) |
|
ذا عفاف يبتغي خير العمل |
وإذا استعملتها كنت كمن |
|
ترك الأنس وبالهم اشتغل |
إنما الهم جنون عجبي |
|
من أناس قد رضوا ذاك الخبل |
هل سوى المجنون يبغي شربها |
|
(كيف يسعى في جنون من عقل) |
وفي هذا المقدار كفاية.
وكان مربوع القامة ، نحيف الجسم ، أسمر اللون ، معروق الوجه ، أحول ، خفيف الروح ، له حانوت في سوق العطارين يتعاطى بيع الطرابيش فيه. ولخفة روحه وحسن محاضرته وسرعة أجوبته كان يؤم عشاق الأدب ومحبوه ويحاضرونه ، غير أنه كان يغلب عليه في محاضراته المجون ، ولا يلقي بالا لما يصدر منه ، ولذلك كثرت هفواته وسقطاته. ومن العجيب أنه لم يعمل بمقتضى أبياته الأخيرة ، بل كان سامحه الله يتناول من أم الخبائث ، فأثرت في جسمه تأثيرا بينا وزادت في نحافته ، ثم ساقته إلى مرض الفالج الذي يعتري الكثير ممن يتعاطاها ، وذلك في سنة ١٣٢٩ ، فلزم الفراش وأضاع في مرضه حواسه.
ولم يزل يقاسي آلام السقام إلى أن سقته المنية كاس الحمام ، وذلك ليلة الثلاثاء حادي عشر المحرم سنة ١٣٢٠ ، ودفن في تربة باب المقام ، رحمهالله وعفا عنه. وعاش عزبا.
وقول الأديب قسطاكي بك الحمصي في ترجمته في كتابه «أدباء حلب» إنه توفي سنة ١٣٣١ هو سهو ، والصواب ما ذكرناه.
١٣١٣ ـ الشيخ محمد البدوي المتوفى سنة ١٣٣١
الشيخ محمد ابن الشيخ أحمد بن محمد المشهور بالبدوي ، من عشيرة بني جرادة ، العالم الفاضل الزاهد الورع.
ولد رحمه في أراضي دابق ودويبق سنة ١٢٤٩. وتعلم القراءة والكتابة عند أبيه ،