وكان حسن الأخلاق متحملا في أمور الناس من تلطيفهم وحسن معاشرتهم ما لا يطاق ، مرضي الأفعال كثير التودد مع البشر والكمال. وقد انتقل إلى قريته بابلّى فيزورونه مع قيامه بإكرامهم وتقديم ما يحتاجونه من واجب المعروف إليهم.
وما زال على حاله مع ازدياده في كماله وجماله ، ينتفع الناس بعلومه ودعائه ويقصدونه لمشاورته في الحوادث وأخذ آرائه إلى أن دعته المنية إلى الدار الأخروية ، فلبى وأجاب ، متزودا لآخرته من كل ما لذ وطاب ، وذلك في سنة ألف ومائتين ودون العشرين. ا ه. (حلية البشر).
١١٧٠ ـ محمد بن عمر بن شاهين الرفاعي المتوفى سنة ١٢١٩
محمد بن عمر بن شاهين الحنفي الرفاعي العقيلي نسبا ، القادري الخلوتي الشاذلي الأحمدي الحافظ المتقن القاري.
قرأ القرآن على الشيخ يحيى وحفظه على والده المرحوم مع أخويه عبد القادر وعبد الله.
مولده سنة ست وثلاثين وماية وألف ، ونشأ في حجر والده ، ولازم أخاه عبد القادر وتدرج عليه وأخذ عنه الطريقة القادرية. وكان أخوه المذكور يقيم الذكر القادري في مسجد خير الله المجاور لدور بني يحيى بك في حارة الأكراد ، فلما كان طاعون سنة خمس وخمسين وماية وألف توفي أخوه المومى إليه عن تلامذة وإخوان ومريدين ، فأهرع إليه إخوان أخيه وبايعوه وصار يقيم الذكر القادري في المسجد المذكور بإذن والده ، فانشرح صدره أن يضرب النوبة الرفاعية طريقة جده سيدي أحمد الرفاعي لأن له نسبة لحضرة الاستاذ المومى إليه من أم والده عمر أفندي على ما هو مذكور في ترجمته في تاريخ عبد الله آغا الميري. وله نسبة أيضا للأستاذ سيدي عقيل المنبجي من والدته الست رقية بنت أحمد آغا يحيى بك زاده العقيلي كما هو مذكور في أنسابهم ، فسمع بذلك قريبه السيد خير الله الصيادي الرفاعي ، وكان إذ ذاك شيخ مشايخ الرفاعية بحلب ، فأرسل إلى الوالد أن ائت البيوت من أبوابها وخذ الطريقة الرفاعية عني ونحن من شجرة واحدة ، فإذا ضربت النوبة وأقمت التوحيد على أسلوب السادة القادرية فلا مانع ، فبسبب الصباوة وعنفوانها ثقل ذلك على الوالد ولم يوافق ، وانفعل شيخ المشايخ منه ، وبقي الأمر على حاله يدق النوبة الرفاعية من غير إذن.