من غير تناول شيء منهم من الحطام حتى ولا على الفتوى في غالب الأيام ، وربما هو أعطى بعض الفقراء السائلين. ومعيشته من معلوم المدرسة إذ هو قائم بالشرط ومن أرض له معدة للزراعة في بلدته وكروم. ولا يقيم للدنيا وزنا ، ولا يجتمع بالولاة ولا بالقضاة إلا عند وصول القاضي للبلدة لضيافة مشروطة على من يكون مفتيا ، مقبل على شأنه.
حصلت له علة آخر عمره في رجليه واستمرت إلى أن توفي مطعونا ليلة الأحد ثامن عشر المحرم سنة ست وسبعين وماية وألف ، ودفن من الغد بالمدرسة الخسروية بمقبرتها ، وأعقب رحمهالله تعالى ا ه. (ابن ميرو).
أقول : لا زال قبره موجودا في جنينة المدرسة جنوبي القبلية.
١٠٩٥ ـ أبو بكر الوزير والي حلب المتوفى سنة ١١٧٦
ذكرت في الجزء الثالث (ص ٢٧٤) ولايته لحلب سنة ١١٧٤ نقلا عن السالنامة ولم أزد على ذلك ، ثم وقفت على ترجمته في تاريخ ابن ميرو وأنه توفي في هذه السنة ، فلذا ذكرته هنا. قال :
أبو بكر الوزير الشهير الفاضل الدراك المتقن ، تخرج على الكامل المشهور مصطفى أفندي الشهير بطاوقجي باشي وعليه تدرب ، وصاهره. وولي المناصب العديدة في الدولة العلية إلى أن أنعمت عليه الدولة بعد وفاة والي حلب عبد الله باشا الصدر السابق بمنصب حلب برتبة الوزارة ، فدخلها يوم الأحد ثاني عشري شوال سنة أربع وسبعين وماية وألف ، وعامل أهلها بحسن المعاشرة والاطراح. وكان به قلق من الصدر الوزير راغب محمد باشا بحيث إنه لا يقر له.
وفي أوائل رجب سنة خمس وسبعين وماية وألف وردت الأخبار بعزل المشير المشار إليه من حلب وتوجيه منصب مصر القاهرة له ، فاستقام بحلب إلى منتصف شعبان ، فرحل إلى مصر على طريق دمشق وزار بيت المقدس ودخل مصر برا في ثاني عشر شوال سنة خمس وسبعين وماية وألف. وفي حادي عشر محرم سنة ست وسبعين وماية وألف توفي بمصر فجأة وكثرت الروايات بموته والله أعلم بحقيقة الحال.
وفي زمنه كان الطاعون بحلب. وبالجملة فهو سامحه الله نادرة من نوادر الدهر. ا ه.