زكريا ، وقرأ الكثير على الأجلاء (١) وسمع منهم ، وأتقن وفضل ومهر ونبل ودرس وأفاد وأقرأ جماعة كثيرين وأخذوا عنه ، وما منهم إلا من انتفع به واستفاد.
وكان من العلماء المشهورين والفضلاء المذكورين. وكان يحترف ويأكل من شغله ولا يقبل من أحد إلا ما دعت الضرورة إليه ، يغلب على حاله الزهد والعفاف والرضى برزق الكفاف. وكان قليل الاختلاط بغيره ، لا يألف إلا ما يفوز منه بخيره ، كثير العبادة والتقوى ، شديد الإقبال على عالم السر والنجوى ، دائم التفكر في الله ، لا يشغله عنه سواه. مات بعد سنة خمس ومايتين وألف. ا ه. (حلية البشر).
أقول : وله من المؤلفات منظومة في علم الفرائض سماها «العقود البرهانية» شرحها الشيخ عبد الله الميقاتي المتوفى سنة ١٢٢٣ وشيخ مشايخنا العلامة أحمد الترمانيني المتوفى سنة ١٢٩٣ في أربع كراريس ، وشرحها شيخنا الفاضل الشيخ كامل الهبراوي شرحا حسنا أفاد فيه وأجاد ، وقد قرظت هذا الشرح المفيد في جملة من قرظه.
١١٤٧ ـ محمد مكي بن موسى المتوفى بعد سنة ١٢٠٥
الشيخ محمد مكي بن موسى بن عبد الكريم الحلبي الحنفي ، العالم الفقيه الأصولي المقري الضابط الصالح أبو الإتقان أحد القراء والحفاظ المشهورين والفضلاء البارعين بحلب. مولده بها سنة خمس وأربعين وماية وألف. وكان جده من دمشق ، وارتحل إلى حلب ومات بها.
قرأ القرآن العظيم وهو ابن ثماني عشرة سنة وحفظه على الأجلاء من القراء كالشمس البصري ومحمد بن عمر بن شاهين وعبد الغني المقري بمحلة الجديدة وعلي المصري ، وأتقن الحفظ وضبطه ، وحفظ الشاطبية ، وقرأ السبعة من طريقها على الشمس البصري شيخ القراء المذكور.
وشرع بالأخذ والاشتغال بالعلوم فقرأ الفقه والأصول والعقائد والمنطق والنحو
__________________
(١) من جملتهم المحدث الشيخ إسماعيل ابن الشيخ محمد المواهبي الحلبي ، فقد رأيت إجازة منه للمترجم بخطه بجميع مروياته محررة سنة ١٢٠٥ وذكر فيها أنه قرأ عليه كثيرا ولازمه في دروسه الخاصة والعامة.