بدون تفهمها مشكلا جدا أصبح لابد للمشتغل بها من الوقوف على هذا الفن ، غير أنه ينبغي الاقتصار على كتاب صغير فيه أو كتابين والاستغناء عن الكتب الكبيرة فيه وعن تلك الحواشي الطويلة الذيول ، وذلك لا يحتاج فيه إلى عناء كثير وصرف وقت طويل ، وحسب الطالب من هذا العلم هذا المقدار ، وفي ذلك بلاغ له إلى المقصود ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
١٣٢٤ ـ مريانا بنت فتح الله مرّاش المتوفاة سنة ١٣٣٨ ه و ١٩١٩
ترجمها صاحب «تاريخ الصحافة العربية» فقال :
مريانا بنت فتح الله مراش. ولدت في حلب في شهر آب سنة ١٨٤٨ وترعرت ترضع من لبان الأدب وتتغذى ثمار العلم ، فنشأت أديبة عالمة تجيد الإنشاء وتحسن الشعر. وكان أبوها فتح الله بن نصر الله بن بطرس مراش رجلا أديبا عني بالمطالعة واقتناء الكتب ، وجمع مكتبة نفيسة ، ورغب في الكتابة وتمرن عليها ، وله كتابات عديدة مختلفة المواضيع لم تطبع.
وكانت أمها زكية عاقلة من آل أنطاكي نسيبة مطران حلب يومئذ ديمتريوس ، وكلا الأسرتين معروفتين (١) بالوجاهة وجليل الصفات ، وأخوها فرنسيس وعبد الله مشهوران في عالم الأدب. كان الأول شاعرا متفننا ومنشئا مجيدا ، والثاني كاتبا لوذعيا ، فتربت مريانا في هذا البيت الكريم على مهاد الذكاء والمعرفة. وإذا اقتضت أشغال والدها في أثناء حداثتها التغيب عن بيته والسفر إلى أوروبا قامت والدتها بتربيتها قياما حسنا لم يكن يرجى من كثيرات من أمهات تلك الأيام. وكان من الفتاة أن دخلت المدرسة المارونية في الخامسة من عمرها ، وانتقلت بعد ذلك إلى المدرسة الإنجيلية التي أنشأها الدكتوران (إدي) و (ورتبات) فدرست فيهما مبادىء اللغة العربية والحساب وبعض العلوم. وفي الخامسة عشرة أخذ أبوها يعلمها الصرف والنحو ثم العروض ، وعلمها بعض لغة الفرنسيس التي أحسنتها فيما بعد على بعض المعلمين. ودرست فن الموسيقى وأتقنته جيدا دون أستاذ ، فتفردت في حلب وامتازت على أترابها ، فنظر الناس إليها بغير العين التي ينظرون بها إلى
__________________
(١) هكذا في الأصل وفي «تاريخ الصحافة العربية». والصواب : وكلتا الأسرتين معروفة أو معروفتان.