وتعليمها ، والقيام بمصالح الطريق الشريف أمرها ونهيها ، والرفق بإخوانه وتعليمهم وإرشادهم وتفهيمهم بكمال الأدب واللطف ، وحسن المذاكرة والمسامرة من غير عنف. وقد اتصل سنده بأئمة كرام ومشايخ عظام ، منهم العالم العامل المتقن المحدث البركة والده الشيخ صالح المواهبي رحمهالله ، ومنهم العلامة المحقق والفهامة المدقق أبو السعود أفندي الكواكبي الزهراوي ، وقد قرأ عليه منظومته في أصول الفقه ومنظومته في الفروع (١) والمختصر ، وحصة وافرة من آداب البحث والاستعارات ، وهو يروي عن خاتمة المحدثين الشيخ حسن بن علي العجيمي ، وله ثبت مشهور.
١١١٧ ـ القاضي أحمد أفندي بن طه زاده واقف المدرسة الأحمدية المشهور بالجلبي المتوفى سنة ١١٧٧
لم أقف على ترجمة خاصة لهذا العالم الجليل والسيد الكريم والمحسن الكبير ، وهو جدير بأن يكون له ترجمة حافلة تزين بها الطروس وتعطر بها المجالس لما كان عليه من جلالة الفضل وكرم النفس ، ولم أعلم سببا لإهمال العلامة المرادي ترجمته في تاريخه ، إلا ما بلغني من البعض من أن العلامة المذكور كان منحازا لبني الكواكبي ، وكان بين هؤلاء وبين بني الجلبي وهم أعيان ذلك العصر وذوو الكلمة النافذة فيه وإليهم ينتهي الحل والعقد مالا يخلو عنه المتعاصرون من التنافس وتنازع البقاء ، فكان ذلك داعيا له لإهمال ترجمة من فضل وتصدر من هذه العائلة وقتئذ ، ولم يذكر منها سوى الشيخ يس بن مصطفى بن طه زاده في أربعة سطور ، وذكر منهم محمد أفندي بن المترجم الآن عرضا ، وهذا مما يؤاخذ به العلامة المرادي ، وكان من الواجب عليه أن يبتعد عن هذا الانحياز في التاريخ. وأما ابن ميرو المتقدم ذكره فلعله لم يترجمه لتأخر وفاة المترجم عنه ، ولهذا اضطررت أن أبحث عن ترجمته وأجمع ما هو متبعثر في بطون الأوراق والدفاتر من آثاره وأحواله فأقول :
قدمنا في ترجمة والده أن الشيخ عبد الغني النابلسي أرسل له أبياتا يهنئه بزفاف ولده أحمد أفندي وذلك سنة ١١٣٠ ، وحيث إن العادة قد جرت أن يكون الزواج في حدود العشرين من العمر فتكون ولادة المترجم في نواحي سنة ١١١٠. وأخذ في التلقي على
__________________
(١) هكذا ، والصواب : منظومتي جده محمد بن الحسن الكواكبي مع شرحيهما للمؤلف ، إذ ليس لأبي السعود أفندي شيء من المنظومات في الفقه أو في الأصول.