وفي تلك السنة اختلى بها شيخ القادرية الشيخ صالح فسميت بالصالحية. وأنشأ حمامه التي تجاه السبيل وهي في غاية الإتقان والزخرفة سنة خمس وسبعين وماية وألف ، وله خيرات كثيرة وجهات حسنة شهيرة ، وقيام مع أحبابه والتفقد لحوائجهم والصبر على أذى جيرانه وبغض الناس له ، من ذلك أن جارا له من طائفة الجند يسمى مصطفى الهردار استأجر له صاحب الترجمة أوقاف إبراهيم خان المشهورة بحلب خمس سنوات بالمواصلة ، كل هذا وفي المدة لم يسأله عن شيء ، فظهر للمترجم من مصطفى الغدر ، فطلبه للمحاسبة ، فقطع علائقه وملك ما في حوزة يده من المال لولده ولبس ثيابا خلقة وأتي مجلس الحساب ، فلما شاهد المترجم هذا الحال أرخى له العنان في الحساب إلى أن ظهر عنده للمترجم بإقراره سبعة وعشرون ألفا من القروش ، فادعى أنه لا يمكنه أداء المبلغ إلا بالتنجيم ، فكتب له بذلك صكا وأحضر والده وضمن كل منهما الآخر لحين أداء المبلغ بمحضر من الشهود ، ثم لما تفرقا من المجلس ندما على إقرارهما والضمان ، فقر الولد وادعى الوالد أنه كان في قراره كاذبا ، فحبس الولد بحكم الثبوت عند محصل الأموال السلطانية في قلعة حلب ثم في حبس الوزير عبد الله باشا الصدر السابق ثم في حبس الشرع بباب قنسرين أربع سنين ، وأثبت المترجم أيساره وأنه متعنت ، فضيق عليه بحبس الشرع إلى أن بني عليه بمكان يسعه فقط. وأما الولد فإنه قبض عليه بمدينة طرابلس وجيء به لحلب وحبس عند نقيب الأشراف لأنه شريف من أمه مدة تزيد على ثلاث سنين ، ولم يزدهما إلا إنكارا وصبرا على الحبس والتهديد ، وطال الحال فصدر أمر الدولة أن يخرج المحبوسين وينجم عليهما المال ، فأخرجا ففر الولد قبل التنجيم ، واتصل الأب بخدمة الوزير عثمان باشا معتق الوزير أسعد باشا كان بحلب مسافرا ، فصار أمير الأمراء بمنصب طرابلس وصحبه صحبته ، وكان مخدومه جرداويا فسافر صحبته وتوفي في الطريق في العلا.
توفي صاحب الترجمة ليلة الخميس سابع وعشرين رجب الفرد سنة سبع وثمانين وماية وألف ودفن بمقبرة العباره. ا ه. (ابن ميرو).
١١١٦ ـ محمد بن صالح المواهبي المتوفى سنة ١١٨٧
محمد بن صالح بن رجب المعروف بالمواهبي ، الحنفي الحلبي القادري الخلوتي ، الشيخ الإمام العالم الفاضل الصوفي المفضال المسلّك الكامل.