إذا أتى إلى الفقير ، وبئس الفقير إذا ذهب إلى الأمير. وكانت الولاة وإن كبر مقامهم الدنيوي لا يرضون إلا بتقبيل قدمه أو ركبته ، وهذا شيء طويل الذيل فلا نطيل بذكره.
والحاصل أنه كان ممن جمع بين العلم والعمل والرياسة وحسن السمت وحسن الخلق والسخاء والحياء. عاش نحو الثمانين سنة ما عهدت له صبوة ، ومآثره وكراماته غزيرة.
وكانت وفاته سنة ثمان وثلاثين ومائتين وألف ، ودفن في زاويته المسماة باليوسفية بحلب. وقد تشرفت بأخذ العهد منه وقد كنت حديث السن ومع ذلك أعي ما يقول وأصغي له وأعمل به. ا ه.
أقول : أجمعت كلمة من أدركناهم من الطاعنين في السن على جلالة قدر المترجم والثناء على علمه وفضله وورعه وزهده وحسن إرشاده ، وعلى هذه الشاكلة كان علماء الطريق وبهذه الصفات كانوا مرشدين حقا ، ولكن قد تبدلت الآن هذه الأوضاع وتغيرت تلك الأحوال واختلط الحابل بالنابل وتصدى للإرشاد من هو في حاجة إليه ، وأصبح الحال كما قال الشاعر :
أما الخيام فإنها كخيامهم |
|
وأرى نساء الحي غير نسائها |
ولا ريب أن المتصدين للإرشاد والتسليك إذا اتسموا بتلك السمات الكريمة واتصفوا بهذه المزايا العالية يعودون بجلائل الفوائد على هذه الأمة ، ويؤدي ذلك إلى ترقية أخلاقها وتحسين حالتها ، وإنما الأعمال بالنيات والله من وراء القصد.
١١٩٣ ـ أحمد بن محمد الرفاعي شقيق أبي الوفا المتوفى سنة ١٢٣٨
قال أبو الوفا في مجموعته :
أحمد بن محمد بن عمر الرفاعي ، الشريف الحافظ المتقن المجود الصالح العابد ، أخي وابن أبي وأمي ومن أنا وإياه ربينا في حجر واحد.
كان رحمهالله نظيف السريرة حسن السيرة ، لا يعرف المماراة ولا التلون. تزوج بابنة مصطفى الوفائي أولا ، ثم بابنة المولوي وأجلسته في التكية الإخلاصية ثانيا ، من أول سنة ١٢٢٢ ، وقام بالخدمة قياما تماما ، ولازم هناك على الصلوات الخمس والأوراد ،