ولما بلغني خبر وفاته طرقني طارق الفراق بالكدر الوفي ، ولكمني عارض البعد بالمرض الخفي ، وقلت شعرا :
إذا ذكرت نفسي زمانا تصرمت |
|
لياليه بالشهبا وشملا تجمعا |
هتفت بهاتيك الصحاب كأنني |
|
وليد تمنى في العشية مرضعا |
قال : وحصرت فكري قاصدا أن أندرج بسلك مادحيه ، وأن أؤرخه على قدر الحال ، فمنعني الهم والحزن والغم ، فطلبت من بعض الأحباب (هو الحاج مصطفى الأنطاكي المتقدم ذكره هنا) تاريخا لحضرته الكريمة ، فأجاب لطفا قائلا :
زر من بني الصيّاد خير وليّ |
|
من آل أشرف مرسل ونبيّ |
وأرق دموعا أو نجيعا أو دما |
|
أسفا على ذاك الفتى العلويّ |
قد كان في الشهباء ركن حقيقة |
|
بطريقة الصياد والمكيّ |
حجبته أطباق الثرى عن أعين |
|
تبكيه من حزن بكل عشيّ |
خلت الزوايا من خباياها وقد |
|
ملئت برزء فراق خير تقيّ |
فسحائب الرضوان تسقي لحده |
|
في كل هطّال وكل رويّ |
ولدى زيارتنا له أرّخ نرى |
|
نور الرفاعي من مقام عليّ |
وذكر الشيخ أبو الهدى في تنوير الأبصار أن السيد أبا بكر المذكور في أول الترجمة كان نزل قرية متكين من عمل المعرة ، ثم لما نزل السيد حسين برهان الدين الخزامي الصيادي قبيلة بني خالد واشتهر أمره انتسب إليه السيد أبو بكر وزوجه ابنته ، وكان يرسله إلى مريديه الذين في الأقطار السائرة ، وكان كثيرا ما يتردد لأطراف حلب ويمكث أحيانا في قرية بلليرمون من أعمال حلب ، ففي سنة وفاة شيخه وعمه ألح على الشيخ أبي بكر مريدوه فنقلوه من القبيلة الخالدية إلى قريتهم وبنوا له بيتا وزاوية ، وأقام فيهم يرشدهم إلى سنة ستين ومائة وألف ، ففيها سافر إلى ديار الشام فتوفي في جبل يبروت ، فبنوا عليه قبة عظيمة.
ومات عن ولدين هما السيد خير الله والسيد سيف الدين ، أما الثاني فلم نعلم أن له عقبا ، وأما السيد خير الله فإنه اشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار ، وخلف الكثير من المشايخ (ذكر منهم جملة) ، وأقام في الزاوية التي بناها والده في قرية بلليرمون ، فلما اشتهر أمره في حلب أجمع رأي أخوانه وأتباعه على نقله بعياله إلى حلب ، فوافقهم السيد خير