وكان من جملة عارفيه بعض الأفاضل من العائلة الرافعية في طرابلس. وكان ذهب للآستانة لتجديد وظيفة القضاء فعين في إحدى بلاد اليمن فقصد وداع الشيخ والتزود بكتبه فأخبر بوفاته. ولما دخل اليمن قاصدا مقر الوظيفة مر في طريقه على مراوعة وهناك اجتمع بالسيد عبد الباري الأهدلي شيخ السجادة الأهدلية فأخبره عن أحوال الشيخ ووفاته وأنه ترك زاوية ومكتبة ثمينة لا تقل عن خمسمائة مجلد ، فكلف السيد عبد الباري ابن عم الشيخ وهو (باعزى حسن الأهدلي) أن يتوجه إلى الديار الشامية لاستلام هذه الكتب وزوده بتحارير ، ولما وصل إلى قرية الشغر وجد المكتبة مبعثرة لم يبق منها إلا النزر اليسير ، فقصد الرجوع من حيث أتى فمنعه مريدو الشيخ وتلامذته وكلفوه أن يقيم بين ظهرانيهم مكان الشيخ ، وعندئذ ذهب إلى الآستانة للاستحصال على تخصيص راتب للزاوية ، فمكث أشهرا ولم ينل مطلوبه فعاد إلى الشغر ، ثم ذهب للآستانة ثانية فتوفق إلى ذلك وعين له السلطان عبد الحميد ٣٠٠ قرش في كل شهر للزاوية ، فعاد وأقام في الشغر شيخا للسجادة الأهدلية ، ثم تعين مفتيا لقضاء الجسر وبقي في هذا المنصب إلى أن توفي سنة ١٣٣٢ رومية وأعقب ولدين أكبرهما الشيخ محمد الأهدلي مفتي جسر الشغر سابقا ومفتي قضاء جرابلس في هذه السنة وهي سنة ١٣٤٥.
١٢٥٣ ـ العلامة الكبير الشيخ أحمد الترمانيني المتوفى سنة ١٢٩٣
العلامة الكبير ، مفتي الشافعية ، العارف بالله تعالى ، الشيخ أحمد ابن الشيخ عبد الكريم ابن الحاج عيسى ابن الحاج أحمد بن نعمة الله الترمانيني الأزهري ، الزاهد العابد المحدث المفسر المجمع على علمه وفضله وجلالة قدره وولايته ومكاشفاته الكثيرة الظاهرة.
ترجمه تلميذه الفاضل الشيخ عمر الطرابيشي ، ووصل إليّ ترجمته بخطه ، قال فيها ما خلاصته : أنه لما ترعرع رحل إلى مصر بأمر من والده للمجاورة بالأزهر ، وكان والده مشهورا بالورع والزهد والصلاح ، ولما وصل إليها اشتغل بأخذ العلم على مشايخ عظام كالشيخ إبراهيم البيجوري والشيخ محمد الفضالي والشيخ علي البخاري ، صحب هؤلاء مدة تزيد عن عشر سنين وانتفع بهم ، وأخذ الطريقة الخلوتية عن السيد السند من اتفقت على ولايته وتسليكه فحول الرجال الشيخ أحمد الصاوي ، وألبسه التاج فصار خليفة من