١٣٢٨ ـ الشيخ محمد العبيسي الحموي المتوفى سنة ١٣٤١
الشيخ محمد ابن السيد مصطفى العبيسي ، الحموي أصلا ومولدا ومنشا ، الحلبي موطنا ووفاة.
كان والده يتعاطى التجارة بحماة مع بيع الكتب ، وكان يتردد لمصر لذلك ، فاستصحب معه في إحدى سفراته إليها ولده المترجم ، وذلك في حدود الثلاثمائة وألف ، وبقي ثمة نحو أربع سنين يتلقى الدروس في الأزهر ، إلا أنه لم يكن من المنكبين على التحصيل المجدين فيه.
ثم إنه توجه إلى الآستانة وحل بساحة الشيخ محمد أبي الهدى الصيادي الشهير ، فأكرم مثواه وأقام في منزله نحو خمس سنين ، وفي سنة ١٣٠٩ عينه وكيلا عنه في مشيخة تكيته التي عمرها في حلب في محلة أغلبك (باب الأحمر) فوصل إلى حلب في جمادى الأولى أو الثانية منها ، وصار يقيم الذكر في ليالي الجمع ، وكان معظم من يؤمه ممن لهم انتساب إلى الشيخ أبي الهدى. ثم أنيط به القيام على وقف أبشير باشا الشهير الواقع في محلة الجديدة وكالة عن الشيخ أبي الهدى الذي هو متوليه بالأصالة ، وقد ذكرت ذلك في الكلام على هذا الوقف في الجزء الثالث (ص ٢١٤) ، فأحسن المترجم القيام عليه ورممه وزاد في ريعه.
وفي نواحي سنة ١٣١٥ انحلت نيابة قضاء جبل سمعان ، فعيّن لها بعض من يلوذ بالشيخ أبي الهدى ، فوكّل المعيّن للمترجم في القضاء إلى حين حضوره ، إلا أنه لم يحضر وعيّن لجهة أخرى ، فعندئذ كتب والي حلب رائف باشا بالتماس من المترجم إلى الآستانة باستحسان تعيين المترجم.
وفي هذه الأثناء في سنة ١٣١٦ توفي العلامة الشيخ أحمد الزويتيني مفتي حلب ، فكتب الوالي رائف باشا إلى الآستانة بلزوم تعيين شيخنا محمد الجزماتي لمنصب الإفتاء لأهليته لذلك وشهرته في الفقه الحنفي ، فجاء الجواب بتعيين المترجم لهذا المنصب ، وذلك أيضا بمساعي الشيخ أبي الهدى لدى باب المشيخة الإسلامية وإقناعه لها بترجيحه على الشيخ محمد الجزماتي ، ومعلوم ما كان للشيخ أبي الهدى عند السلطان عبد الحميد من المنزلة الرفيعة والكلمة المسموعة ، فوافق باب المشيخة على ذلك وكتب إلى رائف باشا بتعيين المترجم