وكان رحمهالله على طريقة حسنة ، لا يتعاطى ما يتعاطاه بعض الجهلة المنسوبين إلى الطريق من كتابة حجب وتعاويذ لا تفهم معانيها ولا يدرى ما هي ، بل كان إذا أتي بالمرضى قرأ لهم ما تيسر من القرآن وما جاء في ذلك من الأحاديث النبوية ، ويكتب لهم تعاويذ كذلك ، وكان الناس يرون بركة قراءته وتعاويذه ويشفى الكثير منهم بإذن الله تعالى نظرا لصلاحه وتقواه وعظيم اعتقادهم فيه.
وكان رحمهالله حاد البصر ، كان كثيرا ما يرى هلال رمضان وهلال شوال في أول ليلة مع علو سنه ويريه لبعض أولاده ومريديه ، ويأتي حينئذ للمحكمة الشرعية ومعه من رآه من جماعته ويشهدون بالرؤية ، فيزول بذلك الشك والارتياب ، وتقطع جهيزة قول كل خطيب.
وكان رحمهالله درّي اللون ، مستدير الوجه ، بدينا ، إلى القصر أقرب ، نيّر الشيبة جدا ، مهابا لا يشك من رأى نورانية وجهه أن قلبه ملىء تقوى وإخلاصا.
ولم يزل على ما هو عليه إلى أن وافته المنية مساء الثلاثاء عاشر رجب سنة ١٣٢٧ ، ودفن من الغد واحتفل في جنازته احتفالا بالغ الحدود ، ودفن في حجرة في المدرسة المتقدمة ، وكان الأسف عليه عظيما. وكانت مدة قعوده على السجادة سبعا وستين سنة ، ولذا كثر أتباعه ومريدوه وصاروا لا يحصون كثرة ، رحمهالله تعالى.
١٣١٠ ـ عبد الرحمن زكي بك المدرّس سنة ١٣٢٧
عبد الرحمن زكي بك ابن حسين باشا المدرس ، وجيه ارتضع ثدي المكرمات طفلا ، وسطعت كواكب مجده كهلا ، وظهرت عليه أمارات النجابة منذ نعومة أظفاره ، فكانت تبشر بسمو مقداره.
حصل جانبا من العربية وأكب على درس اللغة التركية إذ كانت هي الرائجة في ذلك الحين ، فحصل منها قسما وافرا وصار له فيها الإنشاء الحسن.
وتقلب في عدة مناصب أولها عيّن مميزا في قلم مكتوبي الولاية ، ثم عيّن عضوا في مجلس إدارة الولاية بقي في ذلك مدة طويلة.