مرافقا لهذا الجيش أيضا استشهاد أبيه ، فذهب إلى ذلك الموضع وواراه في حفرة هناك ، رحمهالله تعالى وأجزل ثوابه.
وكان المترجم أسمر اللون ، مستدير الوجه ، عظيم الرأس ، كث اللحية ، قصير القامة ، بدينا ، قوي الجسم جدا. وكان مقداما جريئا كثير الحركة والمداخلة مع الحكام بقصد إصلاح ما فسد من الأمور ، ولا تفتر له في ذلك عزيمة.
ومع ما كان له من المساعي في حلب وغيرها فإنه لم يخل من ألسنة الناس ، وكانوا يعدون أقدامه جنونا وجرأته تهورا ، وما أحراه بقول الشاعر :
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه |
|
فالناس أعداء له وخصوم |
وإنما ترجمناه في تاريخنا مع أنه ليس على شرطنا ، إذ ليس هو ممن ولد في حلب ولا ممن توفي فيها ، لآثاره العمرانية العديدة التي قام بها في حلب ، ولأنه ممن تلقينا بعض العلوم عنه واستفدنا منه كما تقدم.
١٣١٦ ـ محمد أسعد باشا الجابري المتوفى سنة ١٣٣٤
محمد أسعد باشا ابن علي غالب أفندي ابن سعيد أفندي ابن محمد أسعد أفندي ابن عبد القادر أفندي ابن مصطفى أفندي الجابري ، السريّ ابن السريّ والوجيه ابن الوجيه ، وقد تقدمت تراجم آبائه في محالها.
ولد المترجم سنة ١٢٧٠ ، ونشأ نشأة صالحة بعيدة عن الإلمام بالسفاسف ودنيئات الأمور. وأول ما تولاه من الوظائف أن صار عضوا في محكمة البداية ، وذلك في سنة ١٢٩٨ ، ثم انتقل إلى محكمة الاستئناف في سنة ١٣٠٤ وبقي فيها سنتين ، وفي سنة ١٣٠٦ عين عضوا في مجلس إدارة الولاية ، بقي إلى سنة ١٣١٤ ، ففيها أعيد إلى عضوية محكمة الاستئناف فبقي أربع سنوات ، ثم اعتزل ولزم بيته إلى سنة ١٣٢٠ ، ففيها أعيد لعضوية مجلس الإدارة ، بقي فيها إلى سنة ١٣٢٤ ثم استقال ، ثم أعيد إليها في سنة ١٣٢٥ وبقي إلى نواحي سنة ١٣٣٠ ، ففيها استعفى ولزم بيته إلى حين وفاته ، وتخلل ذلك أنه توجه وكيلا لمتصرفية أورفة. وحينما ابتدأت الثورة الأرمنية في جهة الزيتون أرسل لإهماد نار