ومن آثاره اهتمامه في هذه السنين بأمر المدرسة الخسروية وأمر خانها المشهور المعروف بخان قورت بك ، وسعى إلى عزل متوليه السابق ، واسترجع بعد محاكمات طويلة الخان المذكور إلى أوقاف المدرسة وصار هو متوليا. ولما اجتمع لديه مقدار من ريع الوقف شرع في ترميم المدرسة وبناء حجر فيها ، وجدد الرواق الشمالي جميعه على هيئته التي تراها.
وكان ذلك سنة ١٣٣٠ ، وقد بينت ذلك في الكلام على هذه المدرسة في الجزء الثالث (ص ١٥٧). ثم نقل المترجم إلى الشام لخلاف حصل بينه وبين والي حلب فخري باشا وواليها حسين كاظم بك ، فلذا لم يتمكن من تتميم ما كان عزم عليه في أمر هذه المدرسة.
وفي أثناء ذلك حصلت الحرب البلقانية ، فرافق الجيوش التي أرسلت إلى هناك ، وكان يحرض العساكر التي تحت إمرته على الجهاد ويشجعهم ، وكان في طليعة الزاحفين نحو أدرنة وفي جملة العساكر الذين دخلوها ، وصعد إلى منبر جامع السلطان سليم وألقى فيه خطبة هامة حامدا شاكرا على هذا الفتح العظيم.
ولما وضعت الحرب أوزارها رجع مع فرقته إلى الشام. وبعد أن أقام فيها مدة ذهب معها إلى المدينة لحفظ الخط الحجازي من تعدي العربان عليه ، وبقي ثمة نحو أربعة أشهر ، ثم عاد إلى الشام. وبعد أن أقام فيها مدة وجيزة أعلنت الحرب العامة ، وذلك في ١١ رمضان سنة ١٣٣٣ ، وأخذت الدولة العثمانية تجهز الجيوش الجرارة وتحشدها في أطراف مملكتها ، فتوجه المترجم مع العساكر التي أرسلت نحو ترعة السويس ، وذلك تاسع عشر صفر سنة ١٣٣٤ ، ولم يأل جهدا في التحريض على الجهاد والثبات في الحرب. وفي ليلة الثلاثاء الموافق للثامن عشر من ربيع الأول سنة ١٣٣٤ زحفت تلك الجيوش نحو الترعة والمترجم معها يحرضها ويدعوها إلى الثبات ، فوصلت إليها قبيل الفجر ، فأخذت الرشاشات الإنكليزية تقذف بنيرانها على تلك الجيوش ، فلم تستطع العبور ، وعزمت على الثبات في مواضعها ، وأخذت في حفر الحفر لتقيها من تلك القذائف النارية ، إلا أنها لم تستطع البقاء لأن القذائف كانت تنهال عليهم كالمطر الغزير ، فأمرت تلك الكتائب بالرجوع ، فشرعت في ذلك ، فمر المترجم من مكان كانت نيران الأعداء مسلطة عليه فأصيب المترجم بشظية ذهب بها شهيد المعركة. وعند عصر ذلك اليوم بلغ ولده الشيخ صلاح الدين ، وكان