خان لما كان لا يأذن بإقامة الخطبة لما يتجدد في زمنه من الجوامع ، وذلك بسبب الوهم الذي كان مستحوذا على أفكاره ، بقي الجامع من حين أن عمر إلى سنة ١٣٢٨ لا تقام فيه الخطبة ولا تصلى فيه الجمعة. ففي هذه السنة سعى السيد بهاء بك الأميري حينما كان مبعوثا عن ولاية حلب في مجلس المبعوثين الذي عقد في الآستانة في الاستحصال على الإرادة السلطانية بالإذن بإقامة الخطبة فيه ، وتوفق إلى ذلك ، واحتفل في أول خطبة أقيمت فيه ، دعي إلى حضور ذلك الاحتفال العلماء والوجهاء ، وكان الخطيب يومئذ شيخنا الشيخ بشير الغزي وتعرض في أثناء الخطبة للثناء على من سعى في هذا العمل المبرور. وبالجملة فإن إنشاء هذا الجامع في هذه المحلة كان له وقع كبير في النفوس ، جزى الله بانيه أحسن الجزاء وأجزل له الثواب بمنّه وكرمه.
١٣١١ ـ الشيخ حسن الكيّال المتوفى سنة ١٣٢٩
الشيخ حسن ابن الشيخ طه الكيّال ، العالم الصوفي الرفاعي الطريقة.
ولد سنة ١٢٦٩. وبعد أن أتم القراءة والكتابة أخذ في تحصيل العلم ، فقرأ على الشيخ عمر الطرابيشي والشيخ إسماعيل اللبابيدي ، وكانا يأتيان إلى زاويتهم المعروفة في محلة وراء الجامع ويقرأان له الدروس ، وعلى الشيخ عبد القادر المشاطي والشيخ محمد الزرقا.
وكان في مبدأ أمره يلبس فاخر اللباس ، ثم خلع ذلك وصار يلبس خشنه ، وأخذ في رياضة نفسه وتقليل الطعام والانقطاع إلى العبادة ، وربما ذهب للاحتطاب ليأكل من ثمن كسبه الحلال ، وصار يذهب إلى مزارات حلب ويظل في كل مزار ساعات ، وحصل له شيء من الجذب ، دام على هذه الحالة نحو ثمانية عشر عاما لم يأو في هذه المدة إلى فراش ، وإذا نام ينام متربعا أو محتبيا ، وقلّ أن ينام قبل طلوع الفجر ، ويظل ليله مراقبا ذاكرا.
وصار للناس فيه اعتقاد عظيم ، وهرعوا لأخذ الطريق عنه ، وكثر مريدوه وازدحموا على حضور مجلس ذكره في كل ليلة جمعة.
وفي سنة ١٢٩٨ حج للبيت الحرام ، وذهب معه نحو عشرين من مريديه كان ينفق عليهم من ماله ، وصرف في هذه الحجة نحو ١٢٠٠ ليرة عثمانية ذهبا. وحصل معه في حجته هذه مسألة اشتهرت عنه وزادت في اعتقاد الناس فيه ، وهي أنه حينما كان هناك