أتي له برجل مقعد ، فقرأ له ما تيسر فقام في الحال بإذن الله تعالى. وشاع ذلك في مكة ، ولا زالت تتناقل هذه الحكاية إلى الآن.
وحج ثانية في سنة ١٣٠٤ وكان معه نحو ٣٠ شخصا ينفق عليهم نفقة واسعة ، وقد باع للأولى والثانية بعض أملاكه التي ورثها عن أبيه وصرف ثمنها في هذا السبيل.
ولما كان هناك بلغه أن أناسا من العبيد عليهم ضريبة لأسيادهم يؤدونها لهم مياومة ، فاشتراهم واعتقهم ، وكانوا ثلاثة عشرة عبدا.
وأعتق في حلب ثلاثة من العبيد وسبعا من الجواري ، وزوّج بعضهم.
ورحل في سنة ١٣٠٢ إلى القدس الشريف على قدم التجريد ، وكان معه عدة من مريديه ، وزار من هناك ، ومن جملة من كان معه أخي الكبير الشيخ محمد رحمهالله ، وكان من خواص مريديه بل أول مريد لديه لما كان عليه من العلم. وكان قبل سفره إلى مكة ومجاورته بها ملازما للشيخ يكاد لا يفارقه ، وكانا متساويين في السن ، فكان يأتي سيدي الأخ إلى الزاوية كل ليلة غالبا ويطالعان سوية في كتب الصوفية مثل «الإحياء» وغيره ، وكانا عالمين باصطلاحاتهم عارفين بكلامهم معرفة تامة ، وكانت محبتهما لبعضهما محبة خالصة لا يشوبها شيء من المنفعة الدنيوية ، وهي التي يسميها الصوفية المحبة في الله. وبعد أن سافر أخي إلى مكة للمجاورة والتجارة كانت المكاتبات لا تنقطع فيما بينهما ، ولما حج الشيخ حجته الثانية كان أخي هناك ، فلقي هو وإخوانه من أخي كل ما فيه راحتهم. وظلت المكاتبات بينهما إلى أن توفي أخي رحمهالله سنة ١٣٠٧ كما تقدم في ترجمته.
وبعد أن عاد من حجته صحا من جذبه وعاد إلى لبس فاخر اللباس ولازم زاويته للإرشاد وإقامة الذكر ، ومريدوه كل يوم في ازدياد ، حتى أصبحوا لا يحصون كثرة.
وكان من شأنه أن يسمر مع زائريه إلى الساعة الرابعة والخامسة ويذاكرهم في مسائل علمية وأدبية وتاريخية. وقد كان له إلمام في التاريخ ومعرفة تامة في الأنساب خصوصا أنساب العائلات الشهيرة في حلب ، ويعظهم بالمواعظ الحسنة بما يرقق قلوبهم ويوجب إقلاعهم عن المعاصي والدنيئات وتخلقهم بالأخلاق الحسنة ، ويؤلف فيما بينهم بحيث يصدق في