مدعوين في بيت عبد الرحمن الحريري ، وكان محمد باشا أبو مرق وقدسي أفندي والجابريون وابن السياف والأوجاقلية جمعية حافلة ، وكان الأستاذ مدعوا أيضا ، ولم يجسر أحد من الموجودين على إخبار الأستاذ بموت ولده ، فما كان إلا بعد حصة تغيرت أطواره وانعزل عن الجماعة إلى قبة الإيوان وجلس منفردا ، فقمت ودخلت القبة فرأيت أثر الحزن ظاهرا عليه ، لكنه لم يتكلم بشيء ، فدعاني وألبسني طاقيته وبش في وجهي ، فاستأذنته في إحضار جبق ليشرب ، فأذن فأمرت من أتى به فشرب التوتن ، ثم وانسته ووانسني وتقوض المجلس بعد الطعام وتفرقنا.
وكان رحمهالله يميل إلى الفقير جدا ، ومن جملة ميله لي أن ولده الشيخ علي المومى إليه استأذنه في طلب مشيخة الزاوية الصالحية بواسطة بعض المتقربين إليه بعد وفاة الشيخ أحمد المواهبي فلم يأذن ، فقال له المستأذن : يا سيدي ، إذا أذنتم له يحصل الخير ويجمع الناس على الذكر والتوحيد ، فكان الجواب : إذا أراد الذكر والتوحيد فليذهب إلى زوايا الشيخ أبي الوفا.
وخلف بعده ولدين كانا في الصحو وطلب العلم ومعاشرة الناس ، ثم طرأ على الكبير منهم واسمه محمد الجذب والخمول والذبول والحال أنه من سلاطين الناس ، فحبب إليه الانزواء ، ولم يزل يتزايد حاله ويحسن الاعتقاد فيه. ثم تبعه أخوه عبد القادر وتقشف واخشوشن تارة وتنعم أخرى إلى أن اختار خشونة العيش والقلوب مطبقة على ولايتهما وأهليتهما وأنهما سلالة قوم أجلاء أولياء. وابتلي محمد بحملات الطريق وصار يضعف عن تحملها ، إلى أن طال مرضه بالاستسقاء وأزمن وانتقل إلى رحمة الله تعالى في ذي الحجة سنة ١٢٥٥.
١١٩١ ـ الشيخ عبد الله العطائي الصحّاف المتوفى سنة ١٢٣٣
الشيخ عبد الله بن الشيخ عطاء الله ابن الحاج عبد الله المشهور نسبه ببني الخوجة (١).
رأيت ترجمته في ورقة بخطه قال فيها :
__________________
(١) في «حلية البشر» : الشيخ عبد الله أبو الكمال بن عطا الله بن عبد الله بن بركات الحلبي الشافعي الكتبي.